الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:52 AM
الظهر 11:27 AM
العصر 2:17 PM
المغرب 4:41 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

رسالة مفتوحة إلى حكومتنا الموقرة..

الكاتب: أحمد صيام 

أقدر عالياً الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة الموقرة، بتوجيهات القيادة الفلسطينية الرشيدة وعلى رأسها فخامة الرئيس محمود عباس، والعمل الجاد والدؤوب لأجل توفير العيش الكريم لأبناء شعبنا الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، والتخفيف من حدة الضغوطات التي يعيشها الشعب الفلسطيني على وجه العموم، وأخص بالذكر شريحة موظفي القطاع العام، مدنيين كانوا أم عسكريين، والذين يكابدون منذ نحو ثلاث سنوات، وهم يتلقون 80 بالمئة وأقل من ذلك من رواتبهم، لكنهم صامدون ملتفون حول قيادتهم، مراعيين الظروف المادية الصعبة التي تواجهها الحكومة، والحصار الاقتصادي المفروض عليكم وعليهم، رافعين شعار الوطن أولا، والأمر ذاته بالنسبة للحركة العمالية التي توقفت عن العمل منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي.

كما أقدر عالياً جهودها رغم شح المال في توفير ما تستطيع من رواتب موظفي القطاع العام، وسلسلة الإجراءات والتي في اعتقادها أنها ستخفف من معاناة الشعب، بالرغم من وجود أعباء من هذه الخطوة لا يستهان بها تقع على كاهل هذا الموظف الغلبان رغم صعوبة حاله، خاصة تلك المتعلقة بالمقترضين من البنوك، وأخص بالذكر موظفي القطاع العام الذين ما كانوا ليلجأوا للبنوك إلا لحاجة ماسة لديهم وبضمان رواتبهم الشهرية، والتي بدورها، وفور تحويل الراتب من وزارة المالية تقوم بإجراءاتها، ومنها ترحيل القروض بفائدة لا تقل عن 3 بالمئة، وذلك مقابل فتح حسابات دائن مدين للموظفين، وتقتطع ما تقتطعه وبمعرفتكم، وحين يجري الاستفسار من البنوك، لا نجد جواباً سوى: "هذه إجراءات البنوك ولا دخل للسلطة بها، ونحن شركات ربحية"، وما زاد الطين بلة أن راتب شهر آب الماضي والذي صرف آخر الأسبوع الماضي، قامت البنوك باقتطاع كامل دفعة القرض من الموظفين المقترضين، حيث لم يتبق لهم سوى الفتات، الأمر الذي يطرح سؤالاً يا مجلس الوزراء الموقر: الموظف الغلبان الذي اقترض من البنك، كان في حساباته انتظام الرواتب في موعدها، فلماذا يتحمل هذه الفوائد والعمولات والزيادات والخلل جاء بسبب تأخر الحكومة في دفع الرواتب وهي ليست المرة الاولى؟ ثم هل هذا الموظف المسكين أقوى من الحكومة لكي يتحمل أعباء إضافية ؟ ونحن هنا نذكر أن التزامات الموظف ليست للبنوك فقط، إنما هناك التزامات لشركات الكهرباء ومصلحة المياه والمدارس والجامعات والشيكات المرتجعة، حيث أن بعض الموظفين أصبحوا متهمين أمام المحاكم، ومما فاقم الأمور، التعميم الصادر عن الأمانة العامة لمجلسكم الموقر والموجه لعدد من الوزارات بخصوص اشتراط منح الخدمات التي تقدمها للمواطنين بحصولهم أولا على براءة ذمة من شركات الكهرباء والمياه، مع العلم أنها شركات خاصة لا تتبع الحكومة، وهو ما قد ينسحب لاحقاً على شركات خاصة أخرى كالاتصالات، وربما محلات المواد التموينية وغيرها !! 

حكومتنا الموقرة، أليس غريباً صدور مثل هذه القرارات، في الوقت الذي يتعرض فيه شعبنا لعدوان إسرائيلي ممنهج وحرب إبادة يكتوي الجميع بنيرانها وآثارها المدمرة على الأوضاع عامة، وعلى الاقتصاد الفلسطيني خاصة، في وقت يرزح الآلاف من عمالنا تحت وطأة البطالة الإجبارية لأسباب عدة من أهمها منع سلطات الاحتلال لهم من الالتحاق بسوق العمل في الداخل، وفي وقت يستمر فيه عدم انتظام الحكومة في دفع رواتب الموظفين القليلة أصلاً، ووجود مستحقات لهم في ذمتها وصبرهم المقدر على ذلك؟ 

أليس غريباً صدور مثل هذه القرارات في الوقت الذي يحتاج فيه شعبنا إلى قرارات وإجراءات تعزز من صموده وتحديه ومواجهته لإجراءات الاحتلال الهادفه إلى ترحيله عن أرضه؟ 

أليس غريباً صدور مثل هذه القرارت في الوقت الذي يفتقر فيه شعبنا لأدنى متطلبات الأمان، ويعاني يومياً من اعتداءات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين الذي يستهدفون البشر والحجر والشجر، وقوتهم اليومي؟  

لا يختلف اثنان على أن الشريحة الأكثر تضرراً من الأزمة المالية هي موظفو القطاع العام الذين يتقاضون منذ مدة طويلة رواتب منقوصة. صحيح أن تأجيل دفعات قروضهم وإعادة جدولتها يخفف عنهم الاستحقاق مؤقتا، لكنه في الوقت ذاته يضيف عليهم فوائد وتكاليف إضافية، في وضع تبدو البنوك هي المستفيد الأكبر منه، إذ قد تتأثر تدفقاتها النقدية الحالية لكنها ستضمن في المستقبل القريب أرباحاً وعوائد أكبر. 

حكومتنا الموقرة، لا حاجة إلى تذكيركم بأن الحكومة السابقة، كانت تقترض من البنوك لدفع فاتورة الرواتب، وبفوائد متفق عليها، ولكن منذ عامين ويزيد، دأبت الحكومة السابقة، وسارت على نهجها حكومتكم الموقرة، اقتطاع  ما نسبته 20 بالمئة وأكثر أحيانا من رواتب الموظفين دون أية فائدة تذكر، بمعنى الاقتراض من الموظف بدلاً من البنوك، والموظف الغلبان صامت مراعٍ للظروف بانتظار أن تمطر السماء !! مع العلم أن هذه الـ 20 بالمئة هي الهامش الذي يتحرك فيه غالبية الموظفين بعد اقتطاع القروض منها والالتزامات المختلفة والأقساط الأخرى، ما يعني أن حركته حصرت بين زوايا صعبة لا هوامش فيها للحركة!!  

حكومتنا الموقرة، إن التأخر في دفع الرواتب والاقتطاع منها يولد إحساساً للموظف الغلبان بفقدان الأمان الوظيفي، ويقنن من الإنتاجية، بل وأكثر من ذلك، يفقد الموظف ثقته بحكومته، والأخطر من ذلك قد يتطور الأمر لفلتان اقتصادي واجتماعي، الشعب والبلد في غنى عنه وسط الظروف السياسية التي يعيشها أبناء شعبنا، خاصة في قطاع غزة الذي يكابد منذ عام من حرب إبادة جماعية، ناهيك عن انعدام الأفق للأزمة التي نعيشها والتي تتدحرج نحو الأسوأ.

 إن الراتب حق مكتسب للموظف، ويؤثر إيجاباً على نفسيته، ويعزز من شعوره بالانتماء والولاء المؤسسي، ويخلق في نفسه حالة من الثقة بقدرته الإنتاجية لخدمة وطنه وأبناء شعبه، ويدفعه إلى التطلع للتطور والتحسن. وكما تقوم الحكومة بالتقاط كل ما يصب في خزينتها، من واجبها توفير بيئة تعزز ما اسلفت، وتبعد عن المستفيدين منها أي مظهر من مظاهر الإحباط ، خاصة في ظل تغيب جسم نقابي يمثله بعدما جرى حل ذلك الجسم سابقاً. والموظف ما كان ليتقدم للبنك للحصول على قرض لولا حاجته، وما كان ليتخلف عن سداد التزاماته الأخرى، بما فيها فواتير الكهرباء والمياه، إلا لإدراكه أنه في نهاية كل شهر يتلقى راتبه الضامن الوحيد تقريبا لتسديد أقساطه الشهرية، ويقوم البنك فور نزول الرواتب باقتطاع القروض قبل أن يجري العميل أي عملية سحب منه، وحين تأخرت الحكومة الموقرة والتي سبقتها، في دفع حقوق الموظفين، وكلي إدراك للظروف المحيطة بها، فإن البنوك والشركات الأخرى لا ترحم في استيفاء حقوقها مهما كانت، لذا على الحكومة اتخاذ اللازم بشكل أكثر جدية، بما يخفف من حدة هذه الأعباء كي لا تقع على كاهل هذا الموظف الغلبان، مع العلم أن صرف الرواتب يعني وفق فهمي الاقتصادي المتواضع، ضخ سيولة في السوق لتحريك الدورة الاقتصادية، مع تراجع التدفقات النقدية الواردة إلى الاقتصاد المحلي. 

حكومتنا الموقرة، لا اعتقد أن هناك في الدول الأخرى يكون الراتب كالخبر العاجل ينتظر الموظف سماعه مع بداية كل شهر، ويبني عليه أحلامه، ويضع مخططاته لذلك الشهر، وعند تأخره أو اقتطاع النسبة الأكبر مما يتقاضاه حالياً، تبداً أحلامه بالتبخر والتلاشي. من هنا أتمنى على حكومتنا الموقرة أن تراعي مصلحة المواطن، وتعي جيداً أننا أحوج ما نكون اليوم إلى تعزيز ودعم صمود هذا المواطن الغلبان، وتقوم بإجراءات تخفف النفقات الحكومية، وترشدها كما ترشد التعيينات، وتضبط الترقيات، شرط أن لا يكون ذلك على حساب جيوب المواطنين وحقهم في الحصول على الخدمات الأساسية، سيما العلاج والماء والكهرباء والتعليم. فيا حكومتنا الموقرة ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، وأشكر لك تفهمكم.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...