2023 أكتوبر غزّة… 2024 أكتوبر لبنان وإيران
الكاتب: نبيل عمرو
أصبح معروفاً وبأدق التفاصيل ما حدث صبيحة السابع من أكتوبر 2023، وما تلاه من وقائع جرت على مدى سنة اكتملت اليوم، غير أن ما بقي غامضاً من اليوم الأول إلى اليوم الذي نحن فيه الآن، هي النتائج السياسية التي ستسفر عن هذه الحرب.
وإذا ما نظرنا لأجندات الأطراف المشاركة، فسوف نجد أنها جميعاً ما تزال بعيدةً عن تحقيق أهدافها المعلنة منها والمضمرة، وما زاد الحالة غموضاً اتساع مساحة الحرب وتحوّل الساحات التي كانت ثانوية فيها، إلى رئيسية، وانتقال الزخم القتالي من غزة إلى الجبهة الشمالية، مع تنامي احتمالات الدخول الإيراني إليها، وهذا سيؤدي حتماً إلى دخول أمريكي إمّا مباشرة أو بمجرد المشاركة عن بعد، وذلك يتوقف على نوعية الأهداف التي يجري البحث فيها بين الأمريكيين والإسرائيليين، حيث قائد المنطقة الوسطى الأمريكي يبحث الأمر مع القادة السياسيين والعسكريين في إسرائيل، ما يحدد مستوى المشاركة الأمريكية.
السابع من أكتوبر 2023، يختلف عن السابع منه عام 2024، كان ذلك اليوم مقدمةً للحرب على غزة التي شهدت مشاركات تضامنية وإسنادية من أطراف معسكر المقاومة بمختلف ساحاته وتشكيلاته وقدراته، وعلى مدى السنة التي انقضت لم تصل الأمور حد اندلاع حرب إقليمية تشترك فيها دول.
أمّا السابع من أكتوبر هذا العام فهو اليوم المفصلي على مستوى الشرق الأوسط والعالم، وهو اليوم الذي يحمل عنوان لبنان وإيران، والذي تثور فيه أسئلة مختلفة عن تلك التي ثارت في أكتوبر 2023، ليتحول السؤال من كيف سيكون اليوم التالي في غزة بعد الحرب ليصبح كيف سيكون حال المنطقة والعالم إذ ما اندلعت الحرب مع إيران.
ومثلما اكتنف الغموض نتائج الحرب على غزة طيلة سنة من الفشل في إنهائها أو التخفيف من حدتها، فإن غموضاً أكثر ضبابية يلف ما بعد أكتوبر 2024.
هل ستظل المنطقة تحت طائلة حروب الرد على الرد؟
هل ستستغل إسرائيل ما تراه فرصة ثمينة سنحت لتصفي حسابها كله مع إيران دفعة واحدة؟
هل ستنجر أمريكا كما فعلت طيلة حرب غزة وراء المجازفات الإسرائيلية، واضعين في الاعتبار أن انقساماً وقع في أمريكا حول حرب إسرائيل على إيران، إذ يرى الديموقراطيون ضرورة تحجيمها في أضيق نطاق ممكن، بينما يرى الجمهوريون أن الوقت صار مناسباً لتدمير المشروع النووي الإيراني كما صرح بذلك دونالد ترامب؟
الانقسام الأمريكي الحاد حول هذه المسألة ينتج خطورة استثنائية في الفترة الحرجة التي تكون فيها الإدارة ليس مجرد بطة عرجاء بل كسيحة.
أكتوبر الأول الذي انتهت سنته اليوم، أسفر عن تدمير غزة، وتسجيل أعلى رقم قياسي في عدد الضحايا وأفدح تهجير داخلي ليس آخره إفراغ المنطقة الشمالية في غزة من سكانها، أمّا فيما يتصل بالضفة فقد ازدادت شهية الاحتلال العسكري والاستيطاني في القتل والتدمير حد قصف مقهى في طولكرم وقتل معظم الجالسين فيه، وبموازاة ذلك، جرى تدمير منهجي لقرىً في جنوب لبنان وتحويل الضاحية الجنوبية إلى غزة 2، مع التوغل في اغتيالٍ للقادة والكوادر، في حرب إبادة منهجية ومفتوحة بلا ردٍ ولا رادع، وصل إلى الرمز الأول للمقاومة السيد حين نصر الله وقتل قبله الرمز الأول لحماس إسماعيل هنية وآخر ما يجري الحديث عنه... قتل الخليفة المحتمل لقائد حزب الله.
أمّا أكتوبر الثاني الذي بدأ اليوم فإلى جانب تواصل الحرب على كل الجبهات، بحيث لم يعد فيها ثانوي ورئيسي ندخل هذا الشهر إلى خطر حربٍ أوسع وأشد فتكاً وربما تغييراً في الخرائط، غير أن ذلك كله حقق نتيجة استراتيجية أصابت إسرائيل في الصميم، إذ تبدو أبعد من أي وقت مضى عن أن تكون كما تمنى مؤسسوها أن يروها، جزءً طبيعياً من الشرق الأوسط، هي اختارت أن تبتعد وأن تضيع الفرص الثمينة التي سنحت لذلك، مفضلة الدبابة والطائرة والقنبلة والاغتيال كوسيلة أولى وأخيرة في التعامل مع شعوب المنطقة، وهذا له ما بعده والخاسر الأكبر في هذه المعادلة هي إسرائيل.