دروس عام من الإبادة الجماعية
الكاتب: عمر حلمي الغول
رغم قناعتي الشخصية بعدم التوقف أمام دروس العام الأول من الإبادة الجماعية الإسرائيلية الأميركية. لان دوامة الإبادة مستمرة، وتداعياتها مازالت تتمظهر أكثر فأكثر، من خلال توسع وتعاظم آفاق حرب الأرض المحروقة في فلسطين التاريخية ودول المحيط العربي عموما، ولبنان الشقيق خصوصا، وتكشف القيادتان الأميركية واداتها الإسرائيلية عن أهداف جديدة قديمة. لكن بعض المنابر السياسية والإعلامية والأكاديمية ارتأت التوقف أمام محطة العام الأول لاستخلاص أبرز واهم الدروس. وبالتالي استجابة للنخب المختلفة، سأحاول وضع أبرز النقاط العامة، وسأبدأ بالبعد الاسرائيلي:
أولا إسرائيليا: 1- كشف 7 تشرين اول / أكتوبر 2023 أن دولة إسرائيل النازية، دولة هشة، ولا تقوى الدفاع عن نفسها لوحدها، رغم كل الأسلحة التي تمتلكها؛ 2- السلاح الأهم حتى اللحظة في اليد الإسرائيلية، هو سلاح الطيران الحربي، وباقي الأسلحة البرية والبحرية والدفاع الجوي والأسلحة النووية على أهميتها يمكن مجابتها والانتصار عليها. لا سيما وان السلاح النووي يمثل عبئا عليها، بقدر ما يستجيب لنزعاتها النازية؛ 3- أكدت الحرب المجنونة ان المجتمع الإسرائيلي، مجتمع ضعيف، يعاني من أزمات حادة سياسية واقتصادية مالية وامنية عسكرية واجتماعية وثقافية ودينية، والانقسام بدا واضحا عموديا وافقيا، رغم أن دوامة الحرب وحدتهم وفرقتهم في آن، وتجلى ذلك بين مكونات الحكومة والكابنيت، وبين الفريقين السياسي من جهة والعسكري الأمني من جهة اخرى، وبين شرائج وفئات المجتمع الإسرائيلي بين التيار الحريدي المتطرف والتيار العلماني، بين المناصرين لإبرام صفقة تبادل الاسرى والرهائن الإسرائيليين والفلسطينيين، والمضحين بهم؛ 4- أكدت الإبادة الجماعية على الشعب العربي الفلسطيني وأخيرا على الشعب اللبناني، انه لولا تدخل وقيادة الغرب الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الحرب ما كان لإسرائيل ان تقف على اقدامها، وهذا ما أكده الرئيس جو بايدن؛ 5- حققت إسرائيل ومعها الولايات المتحدة وحلفائهم من الغرب هدف أساسي واحد، ادماء وابادة الأطفال والنساء والشيوخ من أبناء الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا حيث بلغ عدد من استشهد وجرح ومفقود ما يزيد عن 160 الفا، واحداث دمار زلزالي هائل وكارثي وغير مسبوق في الحروب الإقليمية والعالمية المعاصرة، فدمرت الحرب المنفلتة من عقال القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي نحو 85% من معالم الحياة المدنية في مجالات الحياة المختلفة؛
6- لم تحقق إسرائيل أي من أهدافها المعلنة في الحرب المتوحشة، لا أفرجت عن الرهائن الإسرائيليين، ولا تمكنت من تهجير الفلسطينيين قسريا، ولا استطاعت خلق أداة فلسطينية بديلة عن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب، ولا بديلا عن قيادة دولة فلسطين وحكومتها الشرعية؛ 7- رغم استخدام وسائل الإبادة المتعددة العسكرية والاقتصادية والحصار وتقنين ادخال المساعدات الإنسانية، وحرب التجويع ونشر الامراض والاوبئة والاعتقال الاجرامي النازي والسادي لآلاف المواطنين الفلسطينيين والاغتصاب والتعذيب غير المسبوق، باءت أهدافها بالفشل المريع؛ 8- كشفت إسرائيل عن توسع اهداف الإبادة الجماعية، بأن حربها تستهدف تغيير خارطة الشرق الأوسط، ولا تقتصر على فلسطين أو لبنان، انما إعادة هيكلة الإقليم ككل، كجزء من مخطط واهداف الغرب الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة، وهذا مشروع قديم جديد باء بالفشل خلال العقود الخمسة الماضية؛ 9- مازالت إسرائيل تعيش عقدة عدم بلوغ العقد الثامن، التي تسكن مختلف النخب القيادية السياسية والعسكرية الأمنية والدينية والاقتصادية والثقافية؛ 10- ازدياد واتساع دائرة العزلة العالمية، وافتضاح مكانتها كدولة إبادة جماعية وتطهير عرقي وخاصة في أوساط الرأي العام العالمي الرسمي والشعبي وتحديدا في أوساط النخب الطلابية في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي؛ 11- وقوفها لأول مرة امام محكمتي العدل والجنائية الدوليتين، وإصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، وإصدار محكمة العدل الدولية فتواها بشأن الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، باعتباره استعمارا باطلا وغير شرعي، وطالبتها بالانسحاب الفوري من أراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 خلال عام وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبانتظار اصدار فتواها بشأن دعوى الدولة الصديقة جنوب افريقيا بتحديد طابع حربها، كحرب إبادة جماعية؛ 12- مضاعفة أعداد سكان دولة إسرائيل الراغبين بالهجرة، حيث أظهرت استطلاعات الرأي الإسرائيلية استعداد ما يزيد عن ثلث المستعمرين الإسرائيليين بالهجرة منها. فضلا عمن هاجر منهم، ويعتقد ان عددهم فاق النصف مليون حتى الان.
وللحديث بقية عن العوامل الأخرى.