معهد واشنطن وحزب الله وفلسطين
الكاتب: بكر أبوبكر
يعتبر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى من أهم مراكز الأبحاث الامريكية المؤيدة بعميق الدعم لدولة الاحتلال الصهيوني لاسيما أن قيادات هذا المعهد من دهاقنة السياسة الامريكية الصهاينة سواء من اليهود اومن غير اليهود. ورغم انضمام جنسيات اخرى للمعهد الا أن سياسته المنحازة للإسرائيلي تتجلى في غالب مقالاته ودراساته. وفي هذه الحفلة من المقالات منذ أيام حول النتائج بعد اغتيال حسن نصر الله يعبّر قادة المعهد عن فرحهم الشديد بمقتل الرجل وبطريقة ثأرية، ويفترضون أن العالم أصبح أفضل كما يقول الثلاثي "دينيس روس" و"جفري سونينفيلد" و"ستيفن تيان" في تحليلهما المشترك، حيث استعاروا مقولة تاريخية ليعسكوها على نصر الله: ]"وكما قال المؤرخ الاسكتلندي توماس كارلايل: "تاريخ العالم ليس سوى سيرة ذاتية لرجال عظماء"، والمقصود بكلمة "عظماء" كل من الفاضلين والأشرار[.
لأنه أي نصر الله كما نقلوا عن "نتنياهو " شخصيًا: "لم يكن إرهابياً آخر، بل كان الإرهابي". وقام الثلاثة بفحص الدماء على يدي نصر الله دون إشارة واحدة لحجم الدماء التي تغطي صديقهم "نتنياهو" من أخمص قدميه حتى قمة رأسه قط، معبرين عن فرح عارم ل"التدهور التدريجي لقدرات حزب الله....".
عمومًا يرى الثلاثة في تحليلهم التحريضي أن: ]"الأمر الأكثر فاعلية يكون عندما يتم اقتران إزاحة القائد الأعلى بتفريغ القدرات التنظيمية للحركة بشكل منهجي"[ كما حصل مع "القاعدة" و"مجموعة فاغنر" و"داعش"، وفي محاولة بائسة منهم لربط العنوان بالمحتوى الثأري ضد كل من هم مناهضين ل”إسرائيل” لا ينجح ثلاثي المقال بالإجابة على عنوان مقالهم "كيف يتيح موت نصرالله فرصة جديدة للسلام في الشرق الأوسط"! لأن فلسطين لم تكن مطلقًا في سياق تحليلهم عظيم الانحياز.
أما "روبرت ساتلوف" مدير معهد واشنطن الفَرِح إذ يتشفى بالقتلى، فيطرح ست تبعات لمقتل أمين عام حزب الله كالتالي:
1-"نأمل أن تحقق إسرائيل أهدافها بسرعة، وتتجنب الجاذبية القاتلة المتمثلة في إعادة احتلال الأراضي اللبنانية على المدى الطويل".
2-قد يحاول حزب الله "شن غارات عبر الحدود إلى إسرائيل من خلال الأنفاق تحت الأرض؛ وربما حتى تفعيل الخلايا الإرهابية لـ "حزب الله" في جميع أنحاء العالم".
3-إيران تريد البقاء خارج المعركة ولكنها محرجة ولكن قد تطلق عمليات إرهابية في الغرب، ولربما تجنح نحو مزيد من التشدد النووي.
4-يتساءل بمنطق الطلب من "واشنطن الى باريس والرياض" ل"تنسق بشكل فعال" لدعم حلفائها في لبنان لملء فراغ الحزب.
5- يؤكد تحطم قوة حماس، الا بما يُرهب السكان المحليين كما قال إلا أن احتمال تشدّد السنوار في رفضه التخلي عن المخطوفين قائم.
6-"يجب أن يكون مقتل نصرالله لحظة يحتفل فيها الأمريكيون بتحقيق العدالة".
لباحثة حنين غدارفتعتقد بمقال لها بموقع المعهد أن ما حصل لحزب الله من كارثة كبرى فهو"بفضل اختراق المخابرات الإسرائيلية لقيادة "حزب الله" وبنيته العسكرية". ولأن مقالها عن خلافة نصر الله الشخصية الملهمة (الكاريزمية) فالوضع صعب حيث أن ]"من يخلفه سيكون في موقف لا يُحسد عليه نظراً للحالة المتدهورة للحزب والأيام المظلمة المحتملة التي تنتظره. ومع ذلك، فإن الفراغ الناتج عن ذلك سيوفر فرصاً للمجتمع الدولي للدعوة إلى قيادة أفضل للشيعة اللبنانيين وللأمة بأكملها."[ وتعتقد أن امام إيران إما خيار التصعيد اوخيار التراجع. ومن أشكال التصعيد الاستلام المباشر لقيادة الحزب، وإطلاق الصواريخ أوتوجيه الشيعة العراقيين، ونظام الحوثيين للاشباك مع الإسرائيلي، وفي خيار التراجع يكمن الحفاظ على وكيلها الأساسي أي الحزب من الدمار والقبول بالمبادرة الامريكية الفرنسية وانسحاب الحزب بشمال نهر الليطاني، والفصل بين جبهتي غزة ولبنان. لا سيما أنه لا يوجد أي طرف عربي يقف مع حزب الله كما تقول ما يوجب دوليا تطبيق القرار 1701 ودعم أمريكا للجيش وائتلاف موثوق في لبنان.
ورغم الضعف الشديد الذي أصاب حزب الله-اللبناني الا أن إيران بتنظيماتها التابعة لها تتمدد خارج المنطقة العربية وبالأخص في القوقاز مما رصده معهد واشنطن بكل من كشمير الباكستانية وفي كازخستان واوزبكستان بثقل متزايد، و بدعم مباشر من "كتائب حزب الله" العراقي
إلا أن "ماثيو ليفيت" من معهد واشنطن يقول عن حزب الله اللبناني: أنه ]"سيستمر في تشكيل تهديدات عسكرية قوية لإسرائيل ولبنان والمنطقة الأوسع نطاقاً. ومن المؤكد أن "حزب الله" يتوق للانتقام من إسرائيل بعد مقتل إمينه العام"[. ويرى ذلك بالشكل المحدد التالي حيث أنه]"من المرجح أن يلجأ "حزب الله" إلى أعمال الإرهاب الدولي، التي يشرف عليها أحد العناصر القليلة في الحزب التي لم تفقد بعد قادتها الرئيسيين. فـ "الوحدة 910"، المعروفة أيضاً باسم "منظمة الجهاد الإسلامي" أو "منظمة الأمن الخارجي"، هي المسؤولة عن المخططات الإرهابية العالمية. ويقودها طلال حمية ونائبه خالد قاسم، وتحافظ "الوحدة 910" على شبكات من العملاء في جميع أنحاء العالم الذين يقومون بمراقبة الأهداف المحتملة وينتظرون تنفيذ المخططات عندما يتم توجيههم بذلك (من قيادة) "حزب الله" في لبنان.[
وفي سياق التفكر في مصير المنطقة بعد نكسات حزب الله اللبناني، وخارج نطاق القراءة في رأس باحثي معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى صهيوني التوجه أعلاه، يطرح المفكر الروسي "الكسندر دوغين" قائلًا: " أن الوفاة المؤكدة لزعيم حزب الله السيد حسن نصر الله هي ضربة لبُنية المقاومة في الشرق الأوسط برمتها." وموضحًا في مقاله أن إسرائيل ]"تضع لنفسها هدف إنشاء دولة عظيمة. ويتم ذلك تحسبا لمجيء وانضمام المشياح (المسيح الموعود)، الذي سيخضع جميع دول وشعوب العالم لإسرائيل (في الفهم المسيحي والمسلم، هذا هو المسيح الدجال)"[ وموضحًا في ضوء العدوان الهمجي على فلسطين ولبنان أن اليوم، تم بالفعل إزالة جميع العقبات التي تحول دون تفجير المسجد الأقصى في القدس. و]"سيبدأون في بناء (ما يسمى) الهيكل الثالث مكان المسجد الأقصى في القدس . والغرب الجماعي يدعم كل هذا، فيسمح بالتدمير الشامل للأبرياء الذين يقفون في طريق "إسرائيل العظمى"[. وليختم مقاله المعنون مقتل زعيم حزب الله – بداية نهاية العالم، بالقول أن نتنياهو وحكومته فيما يفعلون هم يسعون: " من أجل إقامة "إسرائيل الكبرى" من البحر إلى البحر. ومهما بدت مشاريع نتنياهو ووزراءه الأكثر يمينية، سموتريش وبن غفير، طوباوية ومتطرفة، فإنها تُنفذ الآن أمام أعيننا. وليختم "إن مثل هذا العدو الحديدي لا يمكن مواجهته إلا بقوة مماثلة في القوة والعتاد والإصرار على كسر كل القوانين الممكنة وتجاوز أي خطوط حمراء".
وليس لنا نحن الفلسطينيين الا محاولة الفهم والتحليل والانخراط الكلي في العمل النضالي المكثف لمواجهة "خطة الحسم" اليمينية، وخطة الإبادة الجماعية، وخطة تدمير القضية الفلسطينية برمتها، ومن ورائها الامة، ثم التساؤل للجبهة العربية العريضة المفترض أنها المقصودة كسند وحائط في كل أدبيات الثورة والمقاومة الفلسطينية، ماذا أنتم فاعلون؟!