نبض الحياة: بيان مجلس الامن لا يكفي
الكاتب: عمر حلمي الغول
في اعقاب القصف الصاروخي الإيراني على إسرائيل مساء يوم الثلاثاء الأول من تشرين اول / أكتوبر الحالي، أعلنت حكومة الائتلاف الإسرائيلية النازية بعد اقل من 24 ساعة الأربعاء الماضي، أن الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش شخصية غير مرغوب به، وتمنع دخوله لاراضيها. جاء ذلك، في اعقاب تعليقه على تصاعد التوتر وإطلاق الصواريخ الإيرانية، بإدانة التصعيد في الشرق الأوسط، وقال "يجب ان يتوقف، نحن بالتأكيد بحاجة الى وقف إطلاق النار." وعمق وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس في تصريح مكتوب على منصة "إكس" جاء فيه "أي شخص لا يستطيع أن يدين بشكل لا لبس فيه الهجوم الإيراني الشنيع على إسرائيل، كما فعلت كل دول العالم تقريبا، لا يستحق أن تطأ قدمه أرض إسرائيل." وما هو الموقف الذي يناسب دولة الإبادة الإسرائيلية؟ هل المطلوب من الأمين العام للأمم المتحدة التماهي مع الموقف الإسرائيلي في حربها المجنونة على فلسطين وشعبها ولبنان الشقيق وشعبه على مدار 364 يوما؟
وهذا الموقف الإسرائيلي الاجرامي بحق الأمين العام للأمم المتحدة ليس جديدا، ولن يكون الأخير، لان حكومة الإبادة الجماعية على الشعبين الفلسطيني واللبناني بقيادة نتنياهو، ناصبت العداء للأمم المتحدة بدءً من أنطونيو غوتيريش الى آخر مؤسسة أممية، وسنت قرارا في الكنيست في 22 تموز / يوليو الماضي ضد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) باعتبارها منظمة إرهابية، ولم يتوقف قادة إسرائيل جميعا بوصف هيئة الأمم المتحدة منظمة "معادية للسامية" و"داعمة للإرهاب". لأنها تلتزم بميثاق الأمم المتحدة، وتدافع عن حق الشعب العربي الفلسطيني بالحياة، وتطالب بوقف الإبادة الجماعية طيلة عام حرب الأرض المحروقة في قطاع غزة وعموم الوطن الفلسطيني، وصوتت على العديد من القرارات الأممية المنصفة والمؤيدة لحقوق الشعب الفلسطيني، بل تجاوزا الأعراف والقوانين والمعايير الدولية في التطاول على الأمين العام، وكل دولة في العالم تدعم وتلتزم بميثاق الأمم المتحدة، وتناصر الحق الفلسطيني.
وعلى أثر هذا المواقف اللا أخلاقي، والذي يتنافى مع ابسط معايير القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، صرح مندوب روسيا الاتحادية في الأمم المتحدة فاسيلي نبيينزيا، معقبا على الموقف الإسرائيلي من منع الأمين العام للأمم المتحدة من دخول إسرائيل، باعتباره بال"صفعة يوجه للمنظمة الأممية"، داعيا للرد على هذه الخطوة المشينة. وقال خلال جلسة مجلس الامن أول أمس الخميس، هذا "أمر غير مسبوق وفظ للغاية." وأضاف "انه صفعة ليس للأمم المتحدة فقط، بل لنا جميعا." وتابع "وأكرر مرة أخرى أن المجلس لديه الأدوات اللازمة لتحقيق هذه المهام." الرادعة لدولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون. وخلص متسائلا "السؤال الوحيد هو مدى توفر الإرادة السياسية (...) نحن نملكها، وأنتم هل تملكونها؟ إننا نحث الجميع على الإجابة على هذا السؤال في أقرب وقت ممكن."
وكان مجلس الامن الدولي أصدر بيانا يوم الخميس 3 تشرين اول / أكتوبر الحالي، ردا على الإعلان الإسرائيلي، جاء فيه أن "أي قرار (صادر عن أي دولة في الأمم المتحدة) بعدم التعامل مع الأمين العام للأمم المتحدة، هو قرار غير بناء، وخاصة في سياق التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط." دون ان يسمي دولة إسرائيل اللقيطة بالاسم نتاج الضغط الأميركي ومن يدور في فلكها، وهو ما يعكس التغطية على الانتهاك الخطير من قبل الدولة العبرية لقيم ولوائح الأمم المتحدة، والتطاول على ميثاق الهيئة الأممية الأولى، وتهربا من التشهير بها، والتفافا على ما نادى به المندوب الروسي نبيينزيا اثناء الجلسة، الداعي لضرورة اتخاذ الإجراءات الأممية اللازمة ضد حكومة نتنياهو، كون اللوائح الداخلية لمجلس الامن تسمح بذلك.
وفي السياق، عقب المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دو غاريك إن "اعلان إسرائيل، أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش شخص غير مرغوب فيه قرار سياسي، واستمرار للهجمات ضد موظفي المنظمة الأممية." ورحب ب"دعم أعضاء مجلس الأمن الدولي لغوتيريش." لافتا الى أن "دولا أخرى اتخذت قرارات مماثلة في حق موظفين آخرين في الأمم المتحدة." وأضاف " لا نعتقد أن هذا الوضع يمكن تطبيقه على موظفينا." وأكد في إيجازه الصحفي أنه "لم يسبق وأن صادف بيانا مماثلا خلال حياته المهنية التي استمرت 24 عاما."
مع ذلك، يعتبر بيان الناطق باسم الهيئة الأممية الأولى، لم يحاكي الموقف البلطجي الإسرائيلي، كما يجب، ويعتبر دون المستوى المطلوب، وكان بإمكانه ان يتناغم مع الموقف الروسي على أقل تقدير. بيد انه جاء ضعيفا. وبالتالي مطلوب من دول مجلس الامن ال15 متابعة الانتهاك الإسرائيلي، ورفع مستوى الرد عليه، والعمل على تجميد عضوية إسرائيل، وتعميق عزلتها الدولية لتكون عبرة لها وللولايات المتحدة والقوى الدائرة في فلكها.