المسجد الاقصى في الربع ساعة الاخيرة من التهويد !
الكاتب: أحمد صيام
موسم الاعياد اليهودية على بٌعد أيام ، وهو ما أضحى كابوسا يعيشه الشعب الفلسطيني على وجه العموم وأبناء مدينة القدس على وجه الخصوص ، ويدفع فيه المسجد الاقصى المبارك الثمن الاكبر، حيث تتعالى دعوات الجماعات اليهودية المتطرفة لاقتحامه وممارسة الطقوس التلمودية في باحاته ، ناهيك عن العربدة والاستفزازات في أزقة البلدة القديمة ، والاعتداءات والشاتئم على المارة والسكان والمحال التجارية ، ما يؤدي الى حالة من الشلل تعيشها القدس بالتزامن واجراءات امنية مشددة وانتشار مكثف لعناصر شرطة الاحتلال وحرس حدوده واغلاق تام لكافة مداخل البلدة القديمة والحد من تحركات المواطنين الى درجة منعهم من الوصول الى اماكن عملهم وكذا الوصول للمسجد الاقصى والتعمد في تفريغه من محتواه وهويته الاسلامية العربية وتحويله الى مشهد ذو صبغة يهودية بحتة !!
ويأتي ذلك في خطوة يسابق بها المحتلون الاسرائيليون الزمن لاجراء التغيير الجوهري في ثالث أقدس بقعة للمسلمين وصولا الى المبتغى الاهم لديهم وهو اقامة الهيكل المزعوم مكانه ، وقد سبق ذلك مؤشرات عدة اهمها وابرزها نجاحهم حتى اللحظة في التقسيم الزماني وهو ما يدعو الى البدء بعملية التقسيم المكاني وفق ما يرون ، جرى التمهيد لها بعزل المنطقة الشرقية للمسجد خلال فترة الاقتحامات ومنع حتى سدنته من الاقتراب منها ، والنفخ بالبوق وتقديم القرابين النباتية خلال مواسم الاعياد السابقة ، واستجد على ذلك كله تصريحات ما يسمى وزير الامن الداخلي الاسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير حول نواياه بناء كنيس يهودي داخل المسجد الاقصى بالتزامن وقرار حكومة دولة الاحتلال بشأن تمويل عملية اقتحامات المتطرفين ، والاخطر كان ما قامت به ما يسمى جماعة " امناء جبل الهيكل " من نش مقطع " فيديو" يظهر فيه احتراق المسجد الاقصى ، في إشارة الى تدميره وبناء الهيكل المزعوم على انقاضه لا قدر الله .
مواسم الاعياد اليهودية تكتسب هذا العام اهمية لا تقل في خطورتها عن سابقاتها ، ولكن هذا العام تتزامن وما يمكن ان نعتبره - ان جاز التعبير- ( انجازات غير مسبوقة ) لحكومة الاحتلال على الارض من حيث اعادة احتلال قطاع غزة في اعقاب العدوان الذي شنه جيشها في السابع من تشرين اول ( أكتوبر) الماضي والذي طال البشر والحجر وشتى مناحي الحياة ، وقارب ان يتم عامه الاول ، وتشديد عملية الحصار على المقاومة في محاولة لكسر شوكتها خاصة حركة حماس ، دون النجاح حتى اللحظة في النيل منها ، والاهم هو ما حققته الاستخبارات الاسرائيلية في الوصول الى قيادات حزب الله اللبناني واغتيال الكثير منهم على رأسهم الامين العام للحزب سماحة السيد حسن نصرالله .
الفلسطينييون عامة والمقدسييون على وجه الخوصوص ، لا يخفون خشيتهم ان تؤدي هذه الضربات الاسرائيلية المؤلمة للمقاومة في غزة ولبنان والضفة الغربية ، الى تصعيد غير مسبوق بحقهم ، ورفع وتيرة الاستهداف الصريح للقدس والمسجد الاقصى التي ستقربهم اكثر من تحقيق احلامهم ، في ظل صمت عربي اسلامي مطبق ، ووضع مخزي وبعض منه متخاذل لا تعدو ردة فعله عن بيانات الادانة والاستنكار والشجب والتي لا تغني ولا تسمن من جوع ، ووضع دولي متقلب ، داعم في الباطن لدولة الاحتلال ، ما من شأنه ان يعزز من فعل واجراءات المتطرفين اليهود والذين باتوا يقودون الدولة ويملون اجنداتهم التلمودية عليها ، الامر الذي يؤكد بما لا يدعو الى الشك ان المسجد الاقصى بات على حافة خطر لم يشهده من قبل وطمس هويته الاسلامية العربية ، وان جاز التعبير يمكن القول انه في الربع ساعة الاخيرة من التهويد !!
بمعنى ان الامر انتقل الى مرحلة التنفيذ للمخططات التهويدية ، وفرض واقع جديد ، يحلم الاحتلال ان يتعايش معه كافة العرب والمسلمين وفي مقدمتهم حماة الاقصى الشعب العربي الفلسطيني ، في خطوة اسرائيلية صهيونية متطرفة ، ما هي الا تجاوز لكافة الخطوط الحمراء في العلاقات والاتفاقيات التي تربط دولة الاحتلال ودول عربية واسلامية ، اهمها اتفاقية وداي عربة المبرمة مع المملكة الاردنية الهاشمية والتي تؤكد على الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك ، ومن قبل اتفاقية السلام مع جمهورية مصر العربية ، ومن بعد العلاقات الدافئة مع بعض الدول الخليجية العربية .
لم يعد المسجد الاقصى في خطر وحسب ، انما في الربع الساعة الاخيرة من محو هويته الاسلامية العربية ليغدو بهوية يهودية فيما لو لم تستنهض الامتين العربية والاسلامية قواها وتوفرت الارادة النابعة من العقيدة التي يدخل المسجد الاقصى في صلبها ، واستخدمت الاوراق التي تملكها لردع دولة الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها ، فلم يعد مقبولا حالة العجز العربي والاسلامي تجاه ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من ابادة جماعية ، وما تتعرض له القدس ودرتها المسجد الاقصى من استهداف خطير، واستمرار هذا التقاعس والخذلان ، يدفع بنتنياهو واركان حكومته ومن امامهم غلاة المتطرفين المتدينين اليهود الى المضي قدما في جرائمهم بحق فلسطين وشعبها ومقدساتها الاسلامية والمسيحية .
ومن هنا فعلى الشعب الفلسطيني اولا ان يتوحد ويطوي صفحات الانقسام فيما بينهم ، فان لم يوحدهم المسجد الاقصى ، متى سيتوحدون ، ومن ثم على الامتين العربية والاسلامية الارتقاء الى حجم المخاطر والتي ستطالهم بعد التمكن من فلسطين ، والانتقال الى الفعل الرادع والشروع بوضع خطة اسلامية شاملة للدفاع عن القدس والمسرى ، تتضمن التهديد بالغاء الاتفاقيات الثنائية والتي ادرات لها دولة الاحتلال الظهر ، ووقف التطبيع ودعم حملات المقاطعة لدولة الاحتلال وكشف ممارساتها المخالفة لكافة القوانين الدولية والالهية في كافة المحافل الدولية ، والعمل على تشكيل حالة من الوعي لدى الشعوب وخلق حالة من الراي العام بضرورة دعم واسناد كفاح الشعب العربي الفلسطيني الذي يشكل خط الدفاع الاول عن الامة ، وتوفير التسهيلات والمتطلبات اللازمة لذلك على مختلف الاصعدة ، وتقديم ما بوسعها لنصرة المقدسيين لتعزيز صمودهم ودعم حملاتهم في شد الرحال وديمومة الرباط في اولى القلبتين وثالث الحرمين الشريفين بما يمكنهم من التصدي للمخططات التهويدية بما اوتوا من قوة .
القدس مفتاح الحرب والسلم ، ويمكن القول ان من يحكمها باستطاعته السيطرة على العالم اجمع ، ودرتها المسجد الاقصى المبارك عنوان الصراع .