هذا فريق يلعب الكرة بحقل ألغام !
الكاتب: موفق مطر
إنهم المُضَلِلون، المحترفون بامتياز لمهنة تزويغ البصائر، وحرفها للتغطية على الحقائق، والوقائع الطافية على بحر دماء اطفال ونساء وشيوخ وعجائز غزة، رغم محاولتهم التقليل من فظاعة كارثة الابادة الدموية التدميرية التي بدأتها منظومة الصهيونية الدينية (اسرائيل) على ايقاع ذريعة السابع من اكتوبر الماضي قبل (247 يوما)، بفقاعات صابون "محللين استراتيجيين" من رتب عسكرية ومراتب مدنية، استمرؤوا المراوغة والتسلل الى خلف خط وعي وادراك المتلقي لتسجيل اهداف، ليست لا شرعية ولا قانونية وحسب، بل وهمية، بغرفة الحكم الالكتروني المعروف باسم ( (VARحيث يقدمون للمتلقي ما يرغب بمشاهدته، اما الصورة الحقيقية، المحفزة لأداء البصيرة، والمانحة للرؤية العقلانية فرصة الحضور واثبات الذات، ولمنع التشويش على المشهد من كل زواياه، فإنها ممنوعة الحضور، بقرار من اتحاد "الكذب والتضليل والتجهيل" المتعدد الجنسيات، والأيديولوجيات ما عدا الوطنية، حتى بات للخديعة جامعة، تعتمد منهجا مخربا ومبعثرا ومفككا لإدراك المتلقي، ومستصغرا –إن لم يكن مستحمرا– لقدراته العقلية، وذكائه. فالواقع في قطاع غزة أن مليوني فلسطيني وأكثر غارقون في بحر من الدماء والدمار والمآسي والمعاناة والنكبة الأفظع في تاريخهم وتاريخ اجدادهم، وأن رؤى مستثمري دمائهم، محصورة مابين ضلعي مكاسبهم المادية، ودوافعهم ومواقفهم المعلبة سلفا، والمعدة للتصدير والعرض مباشرة لمن يدفع! فهؤلاء استرخصوا النفس الانسانية، ودماء الانسان الفلسطيني، وكأن مئة وستين الف ضحية وجريح في قطاع غزة، مخلوقات قضت وأصيبت في حرائق غابات، أو كوارث طبيعية، أو كأن دماء عشرات آلاف الفلسطينيين الضحايا، مجرد مياه، وبذلك يظلمون قيمة الماء الصالح للشرب ولضمان استدامة الحياة في قطاع غزة، فكل قطرة ماء تعادلها مئة قطرة دماء طاهرة نقية، تنزفها عروق وشرايين المنكوبين وأجساد الشهداء، ورغم ذلك يستمر هذا الجناح في الفريق في استعراضاته الكلامية الشيقة المثيرة، لأي سامع ومشاهد، إلا من يرى كل حدث في الدنيا بمنظار انسانيته، فكيف إذا تعلق الأمر بمصير الإخوة في عائلة الوطن؟!
أما الجناح الآخر فهم الناطقون بمقولة: "إن جيش الاحتلال الاسرائيلي منهار وغارق في رمال غزة" دون براهين مادية ملموسة مقنعة، فالمؤمن بإنسانيته، الباحث عن الحقيقة، يرى جيش وساسة منظومة الاحتلال (اسرائيل) مجرمين غارقين فعلا، ولكن في دماء عشرات آلاف الأبرياء الفلسطينيين المسفوكة بأحدث أنواع أسلحة الحرب ألأميركية وغيرها، ويرى أن هؤلاء يجب ألا يتغلبوا على ارادة وشرعية القانون الدولي، لأنهم إن نجحوا، فالعالم سيتحول الى ملعب كبير بلا حدود، مزروع بالألغام، لكن الفرق ستستبدل الكرات بقنابل وحينها لن ينج احد، فتطال المتفرجين المتحمسين المأخوذين بخطاب ودعاية رئيس سياسة حماس في الخارج خالد مشعل الذي منح مشاهد المجازر اليومية نعوتا مثل "التضحية الواجبة" و"ضريبة الحرية"، و"الصمود الاسطوري" دون الاجابة عن السؤال الجوهري: ماذا فعلتم؟ ماذا انجزتم؟ وعن أي حرية تتحدثون؟ فيما المواطن الفلسطيني في خضم الكارثة قد سلبت منه حرية الاختيار مابين الحياة والموت، لأنه لم يعد باستطاعته تقدير شكل ومضمون ومستقبل الحياة اذا نجا من الموت، فقد يكون يتيما أو بلا عائلة، ومأوى، معاقا بلا اطراف، مصابا للأبد بصدمات نفسية، والأفظع الهجرة القسرية لفكرة الوطن من عقله وقلبه وروحه، والسبب منظومة صهيونية استعمارية عنصرية خططت وعملت على افناء انسانيته قبل افنائه ماديا، أما أنتم، فقد منحتم الذريعة للمجرم العنصري، لثالوث الصهيونية الدينية، وكانت تتويجا لإصراركم على العبث بثقافته الوطنية، وسلوك حياته القويم، وحصر مستقبله ووجوده بإبقاء هيكل سلطانكم! لا نراكم إلا كمن يلعب كرة القدم في حقل الغام، رغم الاشارات الدالة على خطر الموت على خطوط التماس، وفي منطقة الجزاء، وخلف الحارس! وعند أركانه الأربعة، وعلى اللغم الأشد تدميرا ً في المركز