الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:59 AM
الظهر 12:35 PM
العصر 4:07 PM
المغرب 6:54 PM
العشاء 8:10 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

من النصر المطلق إلى الفشل

الكاتب: محمد ياغي

بدخول معركة طوفان الأقصى شهرها العاشر، تكون قد تجاوزت المدة الزمنية لحرب العام 1948 وتحولت إلى أطول حرب بين العرب وإسرائيل.

في العام 1948 تمكنت عصابات الهاغانا والأرغون من تأسيس دولتهم على أنقاض شعبنا. في العام 2024 يعود شعبنا بقوة لتذكير العالم بوجوده وبحقه في الحرية وتقرير المصير على أرضه.

أن تتصرف دولة الاحتلال بهمجية ووحشية وأن تضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية ليس جديدا عليها. هذه عقيدتها وطريقتها في التعامل مع العرب منذ أن تأسست بالقوة على أنقاض الشعب الفلسطيني.

والواقع أن هذه الدولة كان من الممكن هزيمتها وكسرها وإجبارها على "التعايش السلمي" مع محيطها ومع الفلسطينيين تحديدا لو أن العرب امتلكوا إرادتهم الحرة ولم يتخلوا عنها لحساب الولايات المتحدة والدول الغربية عموما، أو لو أن منظمة التحرير الفلسطينية استمرت بالقتال بدلا من الذهاب في طريق أوسلو.

اليوم وعلى الرغم من المذبحة المستمرة بحق أهلنا في غزة منذ أكثر من عشرة أشهر تتوفر الفرصة لردع هذه الدولة وإجبارها على تغيير سلوكها، والإقرار بحق الشعب الفلسطيني في الحرية والكرامة على أرضه.

قد يبدو ما يقال نوعا من الحُلم في ظل المجازر اليومية التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة والضفة، وفي ظل استعراضها لقوتها بتنفيذ عمليات الاغتيال في طهران ولبنان، لكن ذلك جزء من الصورة الكبيرة وليس كلها.

في الصورة الكبيرة، دولة الاحتلال تعيش حالة من الفشل المطلق والذعر.

الفشل لأنها كلما شعرت بأنها قد حققت اختراقاً يجعلها شريكاً "طبيعياً" للنظام العربي الرسمي وبما يُمكنها من القفز على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، يُعيد الفلسطينيون وحلفاؤهم، تذكيرها والعالم والعرب الرسميين بأن هذه الدولة لا مكان "طبيعياً" لها في المنطقة ما لم تنهِ احتلالها للأراضي الفلسطينية والعربية التي استولت عليها بالقوة العام 1967. هذا هو عنوان معركة طوفان الأقصى وسببها الرئيس وهو محور الصراع معها.

والواقع أن شعورها بالفشل لا يأتي فقط من حقيقة أن معركة طوفان الأقصى قد أجهزت على مشروعها الذي حاول الرئيس بايدن تنفيذه وهو الإعلان عن تحالف رسمي علني بينها وبين بعض دول الإقليم، وأن عليها الآن أن تستمر كما كانت سابقاً، في لعب دور العشيقة السرية التي يتم الخجل منها كلما ذُكِر اسمها، ولكن من ثلاث حقائق كبيرة لا يمكنها إخفاؤها:

الأولى: أن فشلها مدوٍ على جبهتي غزة وشمال فلسطين التاريخية، فلا هي قادرة على سحق المقاومة في غزة كما وعدت جمهورها ولا على فرض شروطها على لبنان بما يُمكنها من ضمان أمن مستوطنيها. وهي مُجبرة على أن تخوض الحرب بالطريقة التي تريدها المقاومة، حرب استنزاف، تَقضِمُ من قوتها العسكرية والاقتصادية والسياسية كل يوم وبما يراكم خسائرها إلى أن تضطر للقبول بشروط المقاومة لوقف إطلاق النار.

خلال ذلك، وكما كل الدول المُجرمة والمُستَعمِرة، فهي تلجأ لقتل المدنيين بوحشية لعل ذلك يُجبر المقاومة على الاستسلام لشروطها، أو لعل أصحاب الأرض يغادرونها بعد أن حولتها إلى رُكام.

هذه بالطبع مُجرد أحلام فالقتل الأعمى كما جرى في بلدان عديدة من قِبل المُستعمرين سابقا مثل الجزائر وفيتنام وأفغانستان، يزيد من عدد المقاومين ولا يُنقصهم. وأصحاب الأرض لن يغادروها فهم أمهات وآباء وأبناء وبنات المقاومين.

الثانية: أن ضعفها قد كُشِف على مستوى الإقليم بعد أن تم تسويقها لبعض دول المنطقة على أنها من سيحمي لهم أمنها. فقد احتاجت منذ اليوم الأول لمعركة طوفان الأقصى إلى الولايات المتحدة لحمايتها، وعندما دخلت اليمن على خط الإسناد، احتاجت لبريطانيا أيضا للدفاع عنها، وعندما قررت إيران الرد على مقتل جنرالاتها في قنصليتها بدمشق، احتاجت لتحالف دولي وإقليمي لحمايتها. دولة بهذا الضعف، هي من يحتاج الإقليم لحمايتها ولا تحتاجها دول الإقليم.

الثالثة: أن هذه الدولة لم يَعد بإمكانها استعادة ردعها مهما فعلت. إبادتها للمدنيين الفلسطينيين في غزة لم توقف المقاومة. اغتيالاتها للقادة السياسيين والعسكريين لم توقف المقاومة. بل إن الأسوأ بالنسبة لها هو أنها قد أصبحت مردوعه فهي لا تجرؤ على فتح حرب شاملة مع لبنان رغم كل الخسائر التي تتعرض لها، وإن تجرأت وهو ما أعتقده، فهو من باب استدعاء تدخل أميركي لإيقاف الحرب بشروط لا تجعلها تخرج من الحرب ذليلة وصاغرة وإنما بأقل الخسائر الممكنة.

لكن ليس الفشل وحدة هو ما يظهر في الصورة الكبيرة ولكن أيضا الخوف من المستقبل. دولة الاحتلال تُدرك أن فشلها في الحرب الحالية، والتي قررت من جانبها أنها حرب وجودية، تخشى من أن فشلها فيها قد يدفع العالم للضغط عليها لتسوية سياسية لا تريدها أو وهو الأقرب للواقع سيدفع المقاومة لتعزيز قدراتها وإمكانياتها لمواجهة أخرى يكون عنوانها تحرير الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، بمعنى، حرب بلا سقف زمني والى أن يتم هزيمة الاحتلال وإجباره على الانكسار.

والخوف لا يأتي فقط من المستقبل، ولكن أيضا من نتائج مغامراتها غير المحسوبة التي تحاول فيها أن تُظهر بأن يدها طويلة وأنها ما زالت قادرة على القيام بعمليات "نوعية" ضد أعدائها.

دولة في ظهرها الولايات المتحدة ويُقَدم معظم الغرب لها الدعم العسكري والاستخباري بالطبع هي قادرة على القيام بعمليات "نوعية" مثل اغتيال هنية في طهران، وشكر في لبنان وهي قادرة على إحداث دمار هائل أيضا في أية حرب إقليمية، لكن هذه الدولة أيضا تخشى نتائج سلوكها وهي في حالة خوف من الثمن الذي عليها ان تدفعه مقابل جنونها.

على نتائج هذه المعركة سيبنى مصير الشرق الأوسط وفي المقدمة منه مصير شعبنا وقضيتنا، ولذلك لا يُمكن السماح لدولة الاحتلال بتحقيق انتصار أو حتى شبه انتصار ومهما كانت الأثمان.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...