الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 5:11 AM
الظهر 12:29 PM
العصر 3:54 PM
المغرب 6:32 PM
العشاء 7:47 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

انتصار عباس جردانه: في الذاكرة الفردية والجماعية

الكاتب: فيحاء عبد الهادي

«بتِضطرّي مرّات تِنحَني للرياح، ولكن بترجعي لَمبادئك الأساسية، يمكن مش رح نشوف (التحرير) على جيلنا، لكن هي أمانة بعنق كل عربي، من جيل لجيل، حتى ترجع الأرض الفلسطينية».  
                                           انتصار عباس جردانه
----
مناضلة عروبية مبدئية، وتربوية متميِّزة. آمنت - على امتداد مسيرتها النضالية، والتربوية، والإنسانية - أن فلسطين، والأردن، وجميع البلاد العربية؛ هي وطنها، لا فرق بين أردني وفلسطيني، أو جزائري ومغربي ويمني، ومع ذلك، انحازت - كما العديد من أبناء الشعب العربي – إلى القضية الفلسطينية، لأنها اعتبرتها القضية الأولى، والأساسية في حياتها وحياة شعبها وحياة الأحرار عبر العالم. 
واثقة الخطوة شقّت طريقها؛ الرائدة «انتصار عباس جردانه»، صاحبة الإرادة الصلبة، والعزم الذي لا يلين، والثقافة الواسعة، والدفء الإنساني، والإيمان الراسخ بعدالة قضيتها.
آمنت أنها جزء من أي حراك وطني فلسطيني أو عروبي أو إنساني، منذ طفولتها في القدس، حيث ولدت يوم 28 شباط، 1936، وحتى رحيلها في عمّان يوم 12 حزيران، 2024.
ناضلت منذ نعومة أظافرها ضد الاحتلال الاستعماري لأرض فلسطين، وناضلت ضد الجهل والتخلف والعنصرية والتمييز، من أجل تحقيق حلمها وحلم شعبها بالحرية والاستقلال وتقرير المصير، ومن أجل تحقيق الأهداف القومية العربية.
*****
نشأت في بيت وطني، بين أشقاء ثلاثة؛ حملوا السلاح للدفاع عن بيتهم ومدينتهم ووطنهم، العام 1948: «باتذكَّر كان فيه: برين وستين وتوميغن، كانوا يحطوهم في الصالون ويسكّروا عليهم الباب على أساس إحنا الصغار ما نلعب فيهم. فكان إخواني ثلاثة شباب أكبر مني، واحد منهم كان يأخذ دورات إسعاف أولي، كان معه حقيبة إسعاف أولي كلها مجهزة، وكان فيه هذول الأسلحة موجودة».
درست حتى الصف الخامس ابتدائي في «مدرسة البقعة الابتدائية» (غرب القدس)، وانتقلت العام 1948 إلى «المدرسة المركزية»، التي أصبح اسمها «المدرسة المأمونية»، وتخرّجت منها العام 1954، ثم التحقت بالجامعة الأميركية في بيروت، لتحصل على بكالوريوس في الآداب، وعلى دبلوم فن التعليم، العام 1958، ولتحصل بعد ذلك على درجة الماجستير في الإدارة والإشراف التربوي، من «الجامعة الأردنية»، ودبلوم في الإدارة الاستراتيجية للمنظمات غير الحكومية، من جامعات أميركا.
عملت في سلك التدريس في الأردن (في مدرسة الملكة زين الشرف، ومدرسة مادبا، ومدرسة سكينة) حتى العام 1966، وبعدها تفرَّغت كلياً للعمل التطوعي التربوي والاجتماعي.   
*****
استقطبتها «حركة القوميين العرب»، أثناء دراستها في الجامعة الأميركية، في بيروت، فانضمّت إلى صفوفها، والتقت ضمن نشاطات الحركة في الحرم الجامعي وخارجه، مع شريك حياتها، ورفيق عمرها المهندس «محمد عبد الرحيم جردانه»، الذي قاسمها أفكارها وانتماءها وإيمانها الراسخ بالفكر العروبي القومي. 
التقيا في النادي الثقافي العربي، الذي تأسَّس خارج الجامعة، نهاية الخمسينيات، وكان ضمن الهيئة الإدارية الأولى له. 
انتظمت في حلقات سرّية: «كنت مسؤولة عن فتيات، وكنت في حلقة فيها شباب. وفي فتره زمنية كنت الفتاه الوحيدة بحلقه فيها كلهم شباب».
ركَّزت على التثقيف السياسي الفلسطيني والعربي، عبر قراءة الكتب القومية، والنشرات، وفي الوقت نفسه تلقّت دورات بالإسعاف الأولي، وحرّضت وشاركت بفاعلية في التظاهرات السياسية، ومن بينها تظاهرة ضد حلف بغداد العام 1955، وأخرى ضد العدوان الثلاثي على مصر العام 1956، وتحمّلت العقاب الكبير الذي وقع عليها وعلى طالبات الجامعة، اللواتي شاركن في التظاهرتين، وفي الاعتصام، حيث فصلت مدة أسبوع من الجامعة، ومن سكن الطالبات، وحين عادت كانت تحت الرقابة.
وبالإضافة إلى التظاهرات؛ ساهمت المناضلة في تأسيس لجان ثقافية سياسية، ذات طابع علمي وأدبي، منها «لجنة الإنعاش»، في «جمعية كلية الآداب والعلوم»، في «الجامعة الأميركية»، التي تأسّست بداية العام 1957، وانتخبت أمينة سرّ للجمعية التي ضمّت الجسم الطلابي الأكبر في الجامعة - بعد حلّ «جمعية العروة الوثقى» - ضمن قائمة مثَّلت المدّ القومي.
*****
بعد تخرّجها من الجامعة، توجهت للتوعية الوطنية عبر التعليم، لاستقطاب بعض الطالبات للعمل الوطني ضمن «حركة القوميين العرب»، وكان أثرها السياسي كبيراً على طالباتها. 
تصف المناضلة الراحلة «سعاد سليم هريش» أثر معلِّمتها عليها:
«انتصار إنسانة متحمسة، واعية، مثقفة، حكيمة، إنسانة رائعة، وبعدين بتشتغل بجد، بجهد، وبيطلع بإيديها، لأنه بالفعل عقلها يساعدها إنها تكتب منيح، وتتكلم منيح، ونفس الوقت فيه عندها أفكار ومبادئ».
هزّتها هزيمة العام 1967؛ لتهبّ بحماس كبير، وعبر «الجمعية الثقافية العربية» - التي ساهمت في تأسيسها يوم 21 أيار 1967 - وبالتعاون مع الجمعيات المختلفة في الأردن، إلى التدرّب والتدريب على الإسعاف الأولي، وتجهيز المستشفيات، استعداداً للمساهمة في ردّ أي اعتداء، بالإضافة إلى تقديم المساعدة للمهجّرين/ات، ودعم المقاومة الفلسطينية، التي أحيت الأمل ليس في استرداد ما سلب العام 1967 فحسب؛ بل وما اغتصب العام 1948 أيضاً.
بعد الزواج استمرّ عملها الوطني كمستقلّة، مع بقائها صديقة لحركة القوميين العرب.
ساهمت في بعض نشاطات «اتحاد المرأة الأردنية، وتلقّت عدة دورات في الأردن للدفاع المدني،وشغلت عضوية مجلس الأعيان الأردني الخامس والعشرين.
ورغم مساهمتها بفاعلية في كل نشاط فلسطيني أو أردني، إلاّ أنها كرّست وقتها للعمل التربوي، عبر «الجمعية الثقافية العربية»، و»مدرسة الرائد العربي»، التابعة للجمعية، والتي تأسّست العام 1975. 
*****
العزيزة الغالية انتصار عباس جردانه،
وصفتِ لقاءك الأول مع الوالدة «عصام عبد الهادي» وصفاً ساحراً: «عندما رأيتُها، كان هناك  سلك كهربا»، وأشرتِ إلى منطقة القلب. وبدوري أقول: من يلتقِ بك ويتعرّف عليكِ؛ سياسياً أو إنسانياً؛ يمسّه سلك الكهرباء ذاته، حيث تستقرّين في القلب والعقل والذاكرة الفردية والجماعية.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...