نبض الحياة: محددات نتنياهو وخلفياتها
الكاتب: عمر حلمي الغول
في مقابلة مع الموقع الاخبار الأميركي "بانتش بأول" (PUNCHBOWL) نشرت أمس الجمعة (21 يونيو الحالي) توقف بنيامين نتنياهو أمام اليوم التالي في قطاع غزة، ووضع محدداته ال4 لوقف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني، التي لا يوجد لها نهاية في اجندة رئيس حكومة الحرب، واكد رفض أي اتفاق سياسي لإنهاء الحرب قبل تحقيق جملة من الشروط أولا نزع أسلحة المقاومة، وتصفية منابع "الإرهاب" في قطاع غزة، وتدمير الصواريخ والأسلحة بكل صنوفها؛ ثانيا وجود إدارة مدنية مهمتها لا تقتصر على توزيع المساعدات الإنسانية، وانما الإدارة المدنية للسكان، وقال "أن أفضل طريقة للقيام بذلك هي التعاون مع رعاية عربية مشتركة"، ومساعدة من تلك الدول؛ ثالثا تغيير المناهج التربوية والتعليمية تبدأ بالمدارس والمساجد لنزع التطرف بين السكان "لتعليم هؤلاء الناس مستقبلا مختلفا عن المستقبل، الذي يقتضي إبادة إسرائيل، وقتل كل يهودي على وجه الأرض"؛ رابعا إعادة الاعمار، وهو ما أعتقد أن المجتمع الدولي سوف يتولى المسؤولية عنه الى حد كبير.
وأشار الرجل المسكون بالبقاء على كرسي الحكم، إن إسرائيل سوف تضطر الى تحقيق نزع السلاح بشكل مستدام في القطاع، وهذا الأمر لا يمكن أن تقوم به سوى إسرائيل ضد أي جهد إرهابي متجدد. وهو ما يؤكد أنه لا وجود خطة لدى نتنياهو، الا خطة واحدة إدامة حرب الإبادة، وايقاع المزيد من الشهداء والجرحى وعمليات التدمير المنهجية في القطاع، وتحقيق هدف التهجير القسري لأبناء الشعب الفلسطيني عبر عملية تطهير عرقي واسعة تعميقا للنكبة الكبرى عام 1948، ولهذا الغرض اعادت الإدارة الأميركية رصيفها البحري للعمل مجددا بعد التعثر نتاج سوء الأحوال الجوية، وانفصال جزء كبير منه نحو ميناء اسدود، وفي السياق نفي وإلغاء أي دور للسلطة الوطنية، وبالتالي تصفية عملية السلام، وتبديد نهائي لخيار حل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967.
فضلا عن انه استخدم سياسة الأكاذيب والتضليل في محدداته ال4 وخاصة فيما يتعلق بقتل كل يهودي في العالم، وابادة إسرائيل، ووصفه كافة التقارير الدولية، وتحديدا التقارير الأميركية والاممية حول ممارسة إسرائيل سياسة التجويع للفلسطينيين في غزة بأنها "كاذبة". لان الشعب الفلسطيني وقيادة منظمة التحرير وكل القوى السياسية الفلسطينية أولا تمد يدها للسلام، ومازالت متمسكة بخيار حل الدولتين على حدود 4 يونيو 1967؛ ثانيا التزامها الثابت بقرارات الشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، والمعاهدات الأممية التي وقعت عليها؛ ثالثا رفضها القاطع للزج باتباع الديانة اليهودية في الصراع، وتفصل بين إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال وحرب الإبادة، وبين يهود العالم، الذين بات جزءً كبيرا منهم يدعم الحقوق الوطنية الفلسطينية، ويرفضون حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني؛ ويدعون الى وقفها فورا، حتى حفيد بن غوريون، رئيس الوزراء الأول لإسرائيل دعا لعزل وحصار إسرائيل، لأنها دولة مارقة وخارجة على القانون؛ خامسا لي عنق الحقائق القائمة على الأرض، والالتفاف عليها، والادعاء بأن إسرائيل النازية لا تمارس سياسة التجويع ونشر الامراض والاوبئة، وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والابرياء عموما وتدمير معالم الحياة الادمية بأبسط ملامحها الإنسانية، وهذا ما عرته وفضحته تلك التقارير الدولية بما في ذلك التقارير الأميركية والأوروبية.
وكان ضمنا رد رئيس حكومة الحرب على الناطق الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، الذي أعلن قبل يومين انه "لا يمكن الكذب على الجمهور وبيعه اوهاما على انه لن يكون هناك إرهاب في قطاع غزة، أو انه لن يكون هناك صواريخ، أو انه سيكون منزوعا من السلاح"، وتأكيده على أن "حماس فكرة وايديولوجيا مغروسة في القلوب." وشدد على أن الحديث عن تدمير أذرع المقاومة هو "بمثابة ذر للرمال في عيون الجمهور، وإذا لم نأت ببديل فسنحصل في نهاية المطاف على حماس."، وأيضا رد على القيادات العسكرية الداعية الى إعادة نظر في اليات الحرب بعد الانتهاء من الحرب الدائرة عموما في القطاع ورفح خصوصا، من خلال تمسكه بخيار مواصلة نيران الحرب على الجبهات المختلفة.
كما ان تجربة القرن الماضي يفترض انها علمت نتنياهو واقرانه من الموالاة والمعارضة، بأن الشعب العربي الفلسطيني لم يستسلم، ولم يرفع الراية البيضاء، ولن يرفعها، وسيدافع عن حقوقه ومصالحه العليا مهما كانت التضحيات الجسام التي تكبدها ويتكبدها نتاج حروب الإبادة في الضفة عموما والقدس خصوصا وبالتحديد في القطاع وعلى مدار عقود الصراع الطويلة.
وبودي ان أرد من زاوية أخرى على هغاري، ان القوى السياسية المتسلحة بفكرة ما والعقائد التي تحملها، إن لم تنسجم افكارها وعقائدها مع واقع واهداف الشعب، او أهملتها وتجاهلت مصالح الشعب، فإن هذه الأفكار والايديولوجيات تسقط بالتقادم، لأنها تتآكل وتندثر تدريجيا، ولن يبقى الا الأهداف والثوابت الوطنية وحرية واستقلال الشعب وحقه في العودة وتقرير المصير. وبالتالي لن يفيد أي من القوى تاريخها الماضي او الحاضر في حال تجاهلت تلك الحقوق والاهداف.