الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:49 AM
الظهر 11:26 AM
العصر 2:17 PM
المغرب 4:42 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

انتظار الفقراء

الكاتب: سما حسن

طال انتظار الفقراء لمخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى أنهم قد قاربوا أن ينسوا آخر مرة تلقوا فيها مخصصاتهم، والتي كانت تصرف كل ثلاثة أشهر، وبسببها كان يجري شريان ضيق من الحياة وسط هذا البؤس في الوطن وخصوصاً في قطاع غزة، ولكن تأخرها لدرجة الانقطاع حوّل الشريان إلى حبل مقطوع، وكأنه حبل مشنقة تتدلى منه رقاب الفقراء والمعوزين المنتظرين والذين ربطوا الكثير من مناحي حياتهم بهذا الشيك، والذي طالما تحدثت عنه النسوة الفقيرات أمامي، ولم أكن أفهم ما يعني لهم أو أهميته حتى انقطع أو بات لا يُصرف إلا بشق النفس، لذلك بات البؤس واضحاً، وأصبح الناس الذين كانت تسترهم الحيطان وشيكات الشؤون الاجتماعية في العراء تضرب بهم عواصف وأنواء الحياة والتي لا يشعر بها غيرهم.

مؤسف ومحزن وقاطع لنياط القلب أن تكتشف أن هناك عائلات تحيط بك وتعتاش على مخصصات الشؤون الاجتماعية بدرجة كبيرة أو لا توصف، فجارة تدفع ثمن تعبئة أنابيب الغاز المنزلي عندما يُصرف لها هذا المبلغ، وجارة تسدد ديوناً حين يُصرف لها هذا المبلغ، وجارة أخرى تفكر بأن تصلح سقف بيتها أو مطبخها الذي يتداعى ويطل على الشارع لو استلمت هذا المخصصات لأن الشتاء على الأبواب ولن تصمد جدران المطبخ التي أُقيمت بـ "تحويطة" من الشارع، وليس لها أي أساسات قوية في الارض، لن تصمد أمام الرياح والمنخفضات الجوية والأمطار القادمة، وسوف تتبعثر أوانيها التي نخر بها الصدأ لقدمها في أرجاء البيت وفي الشارع أيضاً.

طفلة صغيرة ومنذ بداية العام الدراسي لم تحصل على مصروف للمدرسة والسبب هو تأخر "شيك الشؤون" هكذا تجيب ببساطة ورضا وقناعة بأن هذه الورقة الصغيرة لو جاءت ووصلت ليد أمها فسوف تحصل على قطعة نقدية مثلها مثل معظم التلميذات في المدرسة، وربما ابتاعت لها أمها حذاء جديداً وقوياً يخفي أصابعها التي تتدلى من صندل متعدد الثقوب، وقد أرسلتها أُمها عدة مرات لكي تخيطه عند عم أبو عبد الله على ناصية الشارع، ليسألها هذا العم أيضاً عن الأجرة فتجيبه مثلما اعتادت أمها أن تفعل "لما نقبض شيك الشؤون".

بعد العدوان الأخير على غزة أصبحت البيوت تكاد مستورة وبالكاد تستر أهلها بالحيطان، خاصة مع توقف إعادة الإعمار، وفقدان العوائل الكثيرة لبيوتها، كما أن تزايد معدلات البطالة والإصابات التي أُصيب بها أرباب الأسر وفقدان مصادر الدخل تحتم أن تزداد أعداد الأسر التي تضاف لقوائم المنتفعين من مخصصات الشؤون الاجتماعية، ولكن للأسف فتأخر المخصصات أدى لتراجع الأمل بأن يحصل المتضررون من الحرب الأخيرة على مبالغ مالية منتظمة، خاصة أن ما قد يكونون قد حصلوا عليه لا يعادل جزءاً بسيطاً من خسائرهم، ففقدان مصدر الرزق أهم سبب من أسباب انضمام الأسر إلى قائمة الأسر الفقيرة التي تحتاج لمخصصات وزارة الشؤون الاجتماعية، والأخذ بعين الاعتبار التدهور الاقتصادي في قطاع غزة، ويبقى فقدان مصدر الرزق أكثر وجعاً من فقدان البيت مثلاً الذي قد يأتي الوقت الذي يحصل فيه من فقد بيته على بيت بديل، خاصةً مع تخصيص مساعدات لاستئجار بيوت مؤقتة، أما الذين فقدوا مصادر دخلهم في العدوان الأخير فقد انضموا وبصمت محزن وقاتل إلى قائمة لا تتلقى معونات منتظمة.

تأخر صرف المخصصات يدعو إلى التفكير بتوزيع الميزانية التي تعاني من الضيق، ويمكن أن يتم توفير مخصصات عينية لهذه الشريحة من الفقراء مثل توفير أدوات قرطاسية وملابس للمدرسة لأبناء هذه الأُسر، فمشهد طفلة تتحدث عن شيك الشؤون في لقاء على أحد مواقع التواصل الاجتماعي يمزق القلب، ويوجب التحرك السريع لتوفير أي مساعدة عاجلة لهؤلاء الأبرياء، خاصةً أن التأخير قد تزامن مع عودة التعليم الوجاهي في هذا العام في مدارس غزة.

مع ضبط وربط وزارة التنمية الاجتماعية على قوائم الأُسر في السنوات الأخيرة، وما قامت به من جهود حثيثة لشطب عائلات غير معوزة، فالأحرى بها اليوم التحرك لإضافة عائلات أصبحت لا تسترها الجدران، وكذلك لديها ظروف طارئة مع حلول فصل الشتاء، ويجب أن يتم تخصيص جزء من القروض التي تحصل عليها السلطة الفلسطينية على سبيل المثال لصرف رواتب موظفيها الشهرية لدفع دفعة لو صغيرة لهؤلاء البؤساء في الأرض.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...