الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:50 AM
الظهر 11:26 AM
العصر 2:17 PM
المغرب 4:42 PM
العشاء 6:01 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

الرد على مغالطات حول رؤية الدولة الديمقراطية الواحدة على فلسطين التاريخية

الكاتب: راضي الجراعي

في معرض التعرض لرؤية الدولة الديمقراطية الواحدة على فلسطين التاريخية، كأستراتيجية كفاحية لهزيمة المشروع الإستعماري ألإستيطاني الصهيوني، وكمشروع بديل لنظام الأبرتهايد القائم حالياً في فلسطين، يتحدث البعض عن الشعب الفلسطيني وكأنه الجزء من الشعب الفلسطيني الذي يعيش في الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967، ولا يدخل في تعريفه للشعب الفلسطيني ذلك الجزء الذي تمسك بوطنه وثبت على أرضه في وجه التطهير العرقي بحق الشعب الفلسطسني، الذي قامت به الحركة الصهيونية في فلسطين المحتلة عام 1948. كما يتحدث باستحياء عن اللاجئين الفلسطينين سواءأً من هم لاجئون في فلسطين او في الشتات في تلميح للاستعداد للتنازل عن حق العودة مقابل دولة في حدود 1967 مع استعداد لتبادل اراض (حسب الموقف الرسمي الفلسطيني) بمعنى القبول بمبدأ الإستيطان الصهيوني وضم التجمعات الإستيطانية الكبرى الى اسرائيل، أي أن الخلاف ليس على المبدأ بل على التفاصيل. وعند الحديث عن الشعب الفلسطيني وهويته الوطبية يقصد به في حدود 1967 .


عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة كان هدفها تحرير فلسطين من الإستعمار الصهيوني واعادة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم التي طردوا منها عنوة باستخدام الإرهاب الصهيوني المنظم وسياسة التطهير العرقي (وهي بالمناسبة جريمة ضد الإنسانية حسب القانون الدولي). وأول من طرح فكرة الدولة الديمقراطية العلمانية هي حركة فتح في عام 1969 ، ووردت في خطاب الراحل ياسر عرفات في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وجاء برنامج النقاط العشرة عام 1974 ليشكل بداية الإنحراف عن استراتيجية التحرير والانتقال الى استرتيجية التسوية، وقبول اقتسام الوطن وتقسيم الشعب، استعداداً للالتحاق بمؤتمر جنيف للسلام الذي كان يفترض ان يعقد عام 1975 والذي فشل قبل انعقاده. ومنذ ذلك الوقت يتم الجري وراء سراب السلطة والدولة على جزء من فلسطين وكل يوم نبتعد أكثر فأكثر عن تحقيق ذلك الهدف.  


وفكرة انشاء دولة ديمقراطية واحدة في فلسطين التاريخية كانت مطروحة من ثلاثينيات القرن الماضي ولكن القوى الإستعمارية ارادت  اقامة مشروع استعماري استيطاني صهيوني في فلسطين في بيئة استعمارية دولية. ومشروع تقسيم فلسطين كان عملية اخراج لولادة الكيان الصهيوني وليس لحل صراع او تحقيق عدالة، والا لماذا خصص مشروع التقسيم لليهود 56% من فلسطين التاريخية بينما كان اليهود لا يشكلون أكثر من 25% من سكان فلسطين بالرغم من الهجرة الغير شرعية لليهود التي رعاها الإستعمار البريطاني. وأن عملية التطهير العرقي التي قامت بها العصابات الصهيونية بدأت في المناطق التي خصها قرار التقسيم لليهود، أي أن التطهير العرقي للفلسطينين تم تحت سمع وبصر منظمة الأمم المتحدة، التي مثلت في ذلك الوقت تحالف الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية.


واذكر هنا أن نص قرار 181 يقر تفعيل البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة ضد أي طرف يتجاوز حدود التقسيم، أي استخدام القوة العسكرية لمنع تجاوز حدود التقسيم. ولكن الكيان الصهيوني قام باحتلال 78% من فلسطين التاريخية، ولم تقم أي جهة لا الأمم المتحدة ولا غيرها بأي خطوة لالزام اسرائيل على الإلتزام بحدود التقسيم. وتم الإعتراف بدولة اسرائيل رغم عدم التزامها بقرارات الأمم المتحدة وخاصة قرار عودة اللاجئين الفلسطينين رقم 194. ولذلك كان قرار التقسيم هو فقط لاصدار شهادة ميلاد للكيان الصهيوني الإستعماري. وهو قرار ظالم للشعب الفلسطيني وكان رفض قرار التقسيم رد فعل طبيعي ومحق يعبر عن رفض تقسيم الوطن وتمسك الشعب الفلسطيني بوطنه الكامل.


لقد استغلت اسرائيل اتفاق اسلو كغطاء أمام العالم، من أجل كسب الوقت لإستكمال المشروع الصهيوني، الذي يشمل فلسطين التاريخية كاملةً من النهر الى البحر. ولذلك فقد استمر التوسع الإستيطاني في الضفة الغربية دون توقف في ظل مفاوضات عبثية كان هذفها كسب الوقت لتغيير الواقع على الأرض، بحيث يمنع قيام دولة فلسطينية الى جانب اسرائيل، حتى لو كانت منزوعة السلاح ومنقوصة السيادة. وما كان يعد للفلسطينين هو نظام البانتوستانات العنصري، فقد قام شارون في 1978 بزيارة للنظام العنصري في جنوب افريقيا لدراسة نظام  البانتوستانات من أجل استنساخه في فلسطين.


واذا نظرنا اليوم الى الوضع الذي وصلنا اليه نجد ان الكيان الصهيوني يسيطر على أكثر من 60% من اراضي الضفة الغربية سيطرة كاملة، أضافة الى ال78% من فلسطين المحتلة عام 1948، وقد تم تكريس نظام فصل عنصري وتشريعه في قانون اساس في الكنيست الإسرئيلي وهو ما سمي بقانون القومية، الذي حدد حق تقرير المصير في فلسطين التاريخية لليهود فقط، ولم يأت على أي ذكر للشعب الفلسطيني. وهناك اجماع صهيوني على هذا المفهوم من اقصى اليمين الى اقضى اليسار وعلى هذا القانون والذي يرفض المساوة بين اليهود وغير اليهود من الفلسطينين المواطنين في دولة اسرئيل. وهذا موقف مبدأي للصهيونية، فالصهيونية لا تقبل الآخر. واذا تجولت في الضفة الغربية اليوم تجد البوابات الحديدية الصفراء على مداخل المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية وكأن التجمعات الفلسطينية عبارة عن مجموعة من حظائر الحيوانات أو معازل السود التي اقامها نظام الأبرتهايد في جنوب أفريقيا.


فالكيان الصهيوني هو نظام ابرتهايد مكتمل الأركان، بل هو اسوأ من نظام الأبرتهايد البائد في جنوب افريقيا. والأبرتهايد يعتبر حسب القانون الدولي جريمة ضد الإنسانية. هذا النظام يشكل تحد اخلاقي للمجتمع الدولي المتحضر، الذي يستلزم مكافحة كل أشكال العنصرية والقضاء عليها. وردة الفعل من المجتمع الدولي على جريمة القتل العنصرية للمواطن الأمريكي الأسود جورج فلويد تعبر عن رفض المجتمع الدولي لجرائم التمييز العنصري ولنظام الأبرتهايد. فاذا كان الأمر كذلك لماذا لا نطرح قضيتنا كقضية كفاح وطني تحرري ضد نظام الأبرتهايد في فلسطين وطرح بديل ديمقراطي لنظام الأبرتهايد يقوم على اساس القيم العالمية، الحرية، العدالة، الديمقراطية، المساواة وحقوق الإنسان دون تمييز على اساس العرق أوالدين أو اللون أو أي شكل من أشكال التمييز. وعودة اللاجئين الفلسطينين الى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها كشرط لتحقيق الديمقراطية. هذا يطرح قضيتنا كتحد أخلاقي أمام الرأي العام العالمي يتطلب موقف فردي وجماعي من نظام الأبرتهايد الصهيوني، وموقف عملي أقله مقاطعة هذا النظام العنصري مقاطعة تامة.


هناك من يقول أن حل الدولة الواحدة اصعب منالاً من حل الدولتين لأن اسرائيل لا توافق عليه، ولكن هل مر علينا في التاريخ أن شعباً يكافح ضد الإستعمار يبني استراتيجيته على أساس ما يقبله عدوه، هل كانت فرنسا تقبل بثورة الشعب الجزائري وهل قبل النظام العنصري في جنوب افريقيا الحل الديمقراطي عندما طرحه حزب المؤتمر الوطني الإفريقي في سنة 1955 . فمن الغباء الإفتراض أن استراتيجية التحرر الوطني الفلسطيني يجب أن تحظى بقبول النظام العنصري الصهيوني الذي لا يقبل بمجرد وجود الشعب الفلسطيني. هذه الفرضية تنم عن هزيمة داخلية كامنة في اللاوعي لايمكن أن تقود اصحابها الا الى مزيد من الهزائم والتنازلات وصولاً الى الإستسلام وتحقيق الإنتصارات الدونكيشوتية الموهومة.


ان القول بأن الدولة الوطنية موجودة وقائمة هو قول في رأيي مضلل، لأن اركان الدولة هي، شعب وأرض وسيادة وفي الدولة الوطنية المفترضة لا يوجد شعب وانما جزء من الشعب والأرض في الضفة الغربية يسيطر على غالبيتها الإحتلال الصهيوني العسكري، والتجمعات الفلسطينية عبارة عن جزر معزولة عن بعضها البعض ولا توجد سيادة فلسطينية لا على المعابر البرية ولا الجوية ولا البحرية. وحتى قطاع غزة فهو عبارة عن سجن كبير يسيطر عليه الكيان الصهيوني برياً وبحرياً وجوياً، فأين هي الدولة الوطنية القائمة؟


واذا افترضنا أن الإعتراف الدولي هو تعبير عن قيام الدولة الوطنية، فهل هناك آلية لفرض اقامة دولة فلسطينية ذات سيادة على حدود 1967 ؟
هنا يجب أن نفرق بين المجتمع الدولي كمجموعة الدول المنضوية في اطار منظمة الأمم المتحدة، هذا المجتمع الدولي تحكمه المصالح المادية للدول. وهناك مفهوم آخر للمجتمع الدولي المكون من مجموع الشعوب على مستوى الأفراد والمنظمات الغير حكومية ومنظمات حقوق الإنسان، هذا المجتمع تحكمه القيم وهذا المجتمع، الموقف الفردي فيه يمكن أن يكون أكثر تأثيراً من الموقف الرسمي، وهذا ما اصطلح على تسميته بالدوبلماسية الشعبية.


وفي مسيرة القضية الفلسطينية كنا طيلة الوقت وحتى الآن نكرر " على المجتمع الدولي أن يجبر اسرائيل على الأنصياع للقانون الدولي وللشرعية الدولية". فاذا لم تنصاع اسرائيل للتقيد بقرار التقسيم رقم 181 والذي يتضمن استخدام القوة العسكرية ضد أي طرف يتجاوز حدود التقسيم حسب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فمن سيجبر اسرائيل على وقف الإستيطان وانتهاك القانون الدولي.


في المقابل فان التوجه للمجتمع الدولي على المستوى الشعبي يستلزم فقط موقف أخلاقي فردي وجماعي بمقاطعة نظام الأبرتهايد الصهيوني. وهذه سياسة أكثر جدوى، فسياسة المقاطعة الشعبية لنظام الأبرتايد في جنوب افريقيا هي التي أدت الى الضغط على حكومات العالم من قبل شعوبها على مقاطعة النظام العنصري. لم يتم هزيمة نظام الأبرتهايد في جنوب افريقيا عسكرياً، فقد كان نظام يملك اسلحة نووية تماماً مثل اسرائيل، بل تم هزيمته اخلاقياً في العالم ولذلك انهار نظام الأبرتهايد في جنوب افريقيا.


فعلى مدار 72 عام لم يجد القانون الدولي ولا مناشدة الأمم المتحدة على اجبار اسرائيل على عمل أي شيء. ولذلك يجدر بنا أن نجرب اتباع الدوبلماسية الشعبية في مواجهة نظام الأبرتهايد الصهيوني.


ان رؤية الدولة الديمقراطية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية تقوم على أساس هزيمة المشروع الصهيوني وايجاد نظام بديل عن نظام الأبرتهايد، نظام ديمقراطي يقوم على قيم الحرية، العدالة، الديمقراطية، المساواة وحقوق الإنسان، وعلى تنفيذ حق اللاجئين الفلسطينين بالعودة الى ديارهم وممتلكاتهم التي طردوا منها. دولة يحكمها دستور يقوم على الفصل بين السلطات والإنتخابات الحرة الديمقراطية والمساواة لجميع مواطنيها أمام القانون بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنس، دستور يفصل بين الدين والدولة ويكفل حرية العبادة والإحترام لأتباع جميع الديانات، دستور يحقق العدالة الإجتماعية وتكافؤ الفرص بعيداً عن الإحتكار والاستغلال والهيمنة الرأسمالية.


حتى نصل الى تحقيق هذا الهدف يشترط:
اولاً: أن يتوحد الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده في فلسطين التاريخية وفي الشتات على استراتيجية كفاحية واحدة، وهي في تقديري استراتيجية هزيمة مشروع الأبرتهايد الصهيوني واقامة الدولة الديمقراطية الواحدة.
ثانياً: أن يتم نزع الشرعية عن الكيان الصهيوني كنظام استعماري استيطاني وكنظام ابرتهايد. وتوحيد لغة الخطاب الإعلامي الفلسطيني بهذا الإتجاه.
ثالثاً: توحيد جهود الجاليات الفلسطينية وتوجيهها من اجل حشد أكبر حملة مقاطعة اقتصادية، سياسية، ثقافية، رياضية ...الخ ضد نظام الأبرتهايد الصهيوني القائم في فلسطين.
رابعاً: تفعيل كافة أشكال المقاومة ضد الإحتلال في كافة أماكن تواجده، وأعادة هيكلة التنظيمات الفلسطينية على هذا الأساس ووفق هذه الإستراتيجية.


اننا ندعو الحركة الوطنية الفلسطينية الى تقييم شامل لمسيرة الكفاح الوطني الفلسطيني منذ النكبة حتى الآن واستخلاص العبر والنتائج وتصحيح المسار خدمة للأجيال الفلسطينية القادمة.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...