هآرتس: قرار محكمة العدل الدولية يتجاوز أسوأ مخاوف إسرائيل
إعتبرت صحيفة "هآرتس" العبرية أن الرأي الاستشاري الذي قدمته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الماضي ، قوض الحجج الأساسية التي تسوقها إسرائيل لاحتلالها طويل الأمد للضفة الغربية وقطاع غزة، وسلح البلدان والمؤسسات والشركات بشكل أساسي بمبرر قوي لمعاقبة إسرائيل، مؤكدة أن تجاهله لا ينبغي أن يكون خيار إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة، في تحليل بقلم الكاتب والدبلوماسي الإسرائيلي ألون بينكاس، أن قرار محكمة العدل الدولية بشأن الاحتلال الإسرائيلي وإدارته للضفة الغربية والقدس الشرقية خطير وغير سار، موضحا أن تل أبيب تستطيع أن تتحداه وتتجاهله وتسخر منه وتهاجمه بكل غطرسة كما تريد، ولكن عندما يتوصل القضاة إلى هذا الاستنتاج ويطالبون إسرائيل بدفع تعويضات للفلسطينيين، فإن ذلك يعطي المبرر للعديد من البلدان، الأعداء والأصدقاء والمنتقدين والمؤيدين على حد سواء.
النقاط الرئيسية في رأي المحكمة
يعتبر الوجود الإسرائيلي المستمر في الأراضي الفلسطينية المحتلة غير قانوني.
يجب على إسرائيل إنهاء وجودها في الأراضي المحتلة في أسرع وقت ممكن.
يجب على إسرائيل أن توقف فورا التوسع الاستيطاني، وأن تقوم بإجلاء جميع المستوطنين من المناطق المحتلة.
مطلوب من إسرائيل تقديم تعويضات عن الأضرار التي لحقت بالسكان المحليين والشرعيين في الأراضي الفلسطينية.
من واجب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية عدم الاعتراف بالوجود الإسرائيلي في المناطق كوجود قانوني وتجنب دعم استمراره.
يجب على الأمم المتحدة أن تنظر في الإجراءات الضرورية لإنهاء الوجود الإسرائيلي في المناطق في أسرع وقت ممكن.
ويمكن لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة -وسوف تفعل ذلك كما يقول الكاتب- أن ترفض هذا القرار باعتباره حكما غير ذي صلة من محكمة ليس لها اختصاص قضائي، وستقول إن المحكمة لم تعبر عن شيء أكثر من معاداة الصهيونية التي تجاوزت الخط الرفيع إلى معاداة السامية.
بيد أن هذا لن يغير حقيقة أن هناك الآن إجماعا واسع النطاق في جميع أنحاء العالم، وقد دعم تصويت الكنيست هذا الأسبوع "ضد إقامة دولة فلسطينية"، قول المحكمة إن الاحتلال ضم فعلي، مضيفة أنه يتكون من التمييز المنهجي والفصل وتلك الكلمة المخيفة "الفصل العنصري".
وفيما يتعلق بالمستوطنات، رددت المحكمة الرأي العام العالمي وسلحته، وقالت إن المستوطنات "غير قانونية وتنتهك القانون الدولي"، وأوضحت أن إسرائيل رغم الانسحاب الأحادي الجانب عام 2005، تظل "قوة احتلال في قطاع غزة".
وأصدرت المحكمة قرارها كرأي قانوني بناء على إحالة من الأمم المتحدة، وهو ليس ملزما قانونيا، وحتى لو أحالته الجمعية العامة إلى مجلس الأمن لتنفيذه، فمن المتوقع استخدام الفيتو الأميركي لمنع ذلك.
ومع ذلك، فإن القرار يحمل عواقب سياسية كبيرة، خاصة على خلفية الحرب في غزة والرأي العالمي المناهض لاستمرار إسرائيل فيها، وهو إلى جانب ذلك يقوض حجج إسرائيل الأساسية بشأن طبيعة علاقتها بالضفة الغربية والقدس الشرقية، وقد تستخدمه الدول والبنوك والشركات لتوسيع العقوبات على إسرائيل.
غير أن الأكثر خطورة هو أن هذا الرأي لا بد أن يكون له تأثير على المحكمة الجنائية الدولية التي تنظر في المزيد من الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب ضد إسرائيل، وقد تصدر أوامر اعتقال ضد مسؤولين أكثر من مجرد رئيس الوزراء ووزير الدفاع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الرأي الصادر يوم الجمعة منفصل عن الالتماس الذي قدمته جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بشأن الإبادة الجماعية، وقد قدم قبل الحرب بسنة، ووصف "الخسائر الكبيرة في صفوف المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال" ويشدد على أن "الوضع في غزة غير قابل للاستمرار".
وكان السؤال الأساسي الذي طرح على المحكمة هو ما إذا كان احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية منذ حرب يونيو/حزيران 1967 بغض النظر عن كيفية تعريفه، "مؤقتا" أم أنه أصبح سمة "دائمة" تؤدي إلى احتلال جزئي أو ضم كامل، وهل تشكل المستوطنات الإسرائيلية احتلالا لا رجعة فيه؟ خاصة مع نقل أعداد كبيرة من السكان إلى الأراضي المحتلة، ومع وجود عسكري مستمر وأعمال البنية الأساسية الضخمة.
وبموجب القانون الدولي، لا يعتبر الاحتلال غير قانوني تلقائيا إذا كان مؤقتا ويمكن تبرير الظروف التي أدت إليه أو شرحها بشكل مناسب، مثل الاحتلال الأميركي لليابان وألمانيا الغربية، والاحتلال السوفياتي لألمانيا الشرقية بعد الحرب العالمية الثانية.
وبمجرد احتلال منطقة ما، تحدد كل من قواعد لاهاي واتفاقيات جنيف التزامات واسعة النطاق على قوة الاحتلال، وذلك بهدف منع الإجراءات التي قد تؤدي إلى الضم، وهو أمر محظور تماما بموجب القانون الدولي.
وأوضح الكاتب أن جوهر الحجة ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية يتعلق بالناحية الديموغرافية، حيث يعيش 650 ألف إسرائيلي في مستوطنات شرق الخط الأخضر، وهو خط الهدنة لعام 1949 ويسمى أيضا حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، مما يشكل دليلا واضحا على الاحتلال الدائم.
وقالت المحكمة إن 57 عاما من الوجود العسكري المتواصل والموسع، والاستثمارات الضخمة في البنية التحتية، والعديد من إعلانات النوايا ورفض إقامة دولة فلسطينية أو الإعلان عن نية الضم، لا تشير إلى الطابع المؤقت، خاصة أن محكمة العدل الدولية نفسها أصدرت قرارا عام 2004، مفاده أن "السياج الأمني" كان بمثابة ضم فعلي للمناطق الواقعة غرب الجدار بجوار حدود عام 1967.
وبغض النظر عن الطبيعة غير الملزمة لحكم يوم الجمعة والافتقار إلى الجدوى السياسية، فقد سلحت المحكمة الدول والمؤسسات والشركات بمبررات منطقية ليس فقط لتوبيخ إسرائيل، بل لمعاقبتها، مع أنه لا أحد يعتقد أن هذا الحكم سيؤدي إلى إصلاح سياسي أو صحوة سياسية.