الطقس
Loading...
أوقات الصلاة
الفجر 4:30 AM
الظهر 12:37 PM
العصر 4:15 PM
المغرب 7:22 PM
العشاء 8:43 PM
العملات
Loading...
ترددات البث
جنوب فلسطين FM 96.8
أريحا و الأغوار FM 96.8
وسط فلسطين FM 98.3
جنين و الخليل FM 98.3
شمال فلسطين FM 96.4

طفل الكرتونة

الكاتب: خالد بطراوي

 

نمتاز في مجتمعنا الفلسطيني بردود الفعل أكثر من صنع الفعل الاستباقي، وبذلك نحن أول من يصفق لقانون نيوتن الثالث القائل بأن لكل فعل .. رد فعل .. مساو له في المقدار ... ومعاكس له في الاتجاه.

 

قبل سنوات، مجموعة من العاملات الصغيرات قضين حرقا في مصنع للولاعات، فتعاملنا برد فعل مؤقت سرعان ما تم نسيان الواقعة بواقعة أخرى جديدة، تمثلت – على سبيل المثال لا الحصر – باحتراق حافلة كانت تقل أطفالا ومعلماتهن في رحلة مدرسية أسفرت عن وقوع ضحايا.

حاليا ومع تزايد حوادث السير وأخرها ذلك الحادث المروع الذي أودى بسيدة وأطفالها وسائق السيارة، صب الجميع جام غضبهم على ما جرى وطالبوا بايقاع مجموعة من الاجراءات الصارمة الى أن خفت حدة رد الفعل بحادثة جديدة تمثلت في العثور على طفل ينام في كرتونة قرب سوق الخضار في مدينة البيرة نجا من الاصابة أو الموت بأعجوبة عندما كان "كباش" البلدية يهم برفع الكرتونة في حملة ازالة التعديات التي تنفذها بلدية البيرة. أين كان هذا الكم الهائل من أصحاب البسطات قبل ذلك .. لماذا لم ترصد أعينهم هذا الطفل قبل أن ترصده أعين سائق الكباش؟

أذكر قبل سنوات أننا توجهنا الى قرية ما لمعالجة حالة اجتماعية لأسرة والتقينا وجهاء البلد حيث أصر أحدهم على أن نتناول الغذاء عنده ولما تحدثنا بموضوع الأسرة، برزت علامات الاستياء لدى ميسوري الحال من القرية ولولا " الحيا" لطردونا شر طرده كما يقولون حيث أننا نتدخل في خصوصيات القرية، الى أن قال أحدهم أن للزوجة حصة كبيرة من ميراث أهلها يصرف عليها وعلى أطفالها  أبد الدهر، متناسين أن الورثة لم تقسم ويبدو أنها لن تقسم وقتها ولو جرى تقسيمها فسوف تحرم هذه الزوجة من حصتها الحقيقية وتعطى "الفتات". ومع ذلك أصر أحدهم على اطعامنا طعام الغذاء بدلا من أن ينفق تكلفته على هذه العائلة، ولم أكل وقتها.

في حادثة طفل الكرتونة ومما لا شك فيه أننا سنجد حالات مشابهة هنا وهناك مستترة وغير معلن عنها، المسؤولية أول ما تبدأ من الأسرة النووية، ثم العائلة المتمتدة ، ثم القرية أو المدينة أو المخيم، ثم الجهات ذات الاختصاص وبضمنها الشؤون الاجتماعية، ليس فقط في هكذا مسائل، بل بكل ما يتعلق بحياتنا الداخلية.

غير مقبول أيها الأحبة، أن يكون هناك محتاجا في منطقة ما لا تتكفل به منطقته أولا ... وغير مقبول أن تكون طريقة التكفل من خلال عملية استنزاف مستمرة للمقدرات، وانما عملا بمقولة  " بدلا من أن تطعمه السمك .. علمه الصيد " بمعنى لو كان لدينا في قرية ما أسرة تعاني وضعا اقتصاديا صعبا ، فليتنادى أهل القرية ويقدموا من الدعم المادي ما يمكن الأسرة من "فتح مصلحة" تعتاش منها حتى لو بسطة فلافل أو مشتل صغير أو غير ذلك، مع تأمين مبلغ بسيط لسد الحاجة الملحة.

لا داعي أيها الأحبة لتصدير زكاة أهل القرية الى خارجها، لماذا لا يتم في كل قرية استحداث اطار شبابي لهذه الغايات يعمل متطوعا بموجب منظومة متفق عليها عنوانها " علمه الصيد".

لماذا لا يتفقد كل موقع أبناءه؟ ان غاب أحد أبناء القرية مثلا عن القرية يتم الاستفسار من عائلته، ان تسرب أحدهم الى خارج المدرسة يتم البحث عنه واعادته وهكذا دواليك.

نحن بحاجة الى حالة استنهاض، وربما أحد أهم أعمدتها من خلال الخطاب الديني المسلم والمسيحي ..  نحن بحاجة الى رأي فقهي ديني واضح يتعلق بأيها أهم اغاثة أسرة أو تعليم أطفال أو توفير علاج أو غير ذلك من تجديد موكيت مسجد أو كنيسة، أو توسعة أو بناء مرفق ديني أو حتى الذهاب عشرات المرات الى العمرة ، نحن بحاجة الى تكرار التذكير بألأولويات. نحن بحاجة الى تأصيل قيم التكاتف الاجتماعي في كل موقع وكم هو جميل أن نسمع مثلا أنه لا يوجد جائع أو محتاج في كل القرى والمواقع حيث تتكفل بمعالجة الحالات بنفسها دونما حاجة الى استيراد "فاعلي خير" من خارج كل موقع.

هي آراء تحتاج الى تطوير والى تنفيذ على الأرض.

هذا المقال يعبر عن وجهة نظر صاحبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر شبكة راية الإعلامية.
Loading...