"رام الله" و"الساحرة" تحرجان المنهاج الجديد
رام الله - رايـــة:
إيهاب حجاج:
يدرك الفلسطينيون اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تغريد بلبل واحد لا يكفي لاستدعاء الربيع، لكن تغريدات المنتقدين للمنهاج الفلسطيني الجديد الذي اعتمدته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية مطلع العام الدراسي الحالي أثارت حالة من الجدل مازال يسال في سبيلها حبر الصحف وتداس لأجلها آزرار لوحة المفاتيح في كل هاتف ذكي أو كومبيوتر نقال.
وبجولة سريعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي يمكن لأي كان تلخيص وإجمال الانتقادات الموجهة للمنهاج الجديد:
فـ”رام الله" اعتُبرت "مركز فلسطين" لأنها وردت في أحد النشاطات المنهجية ضمن كتاب الرياضيات للصف الرابع الأساسي؛ فيما استخدم رسم لامرأة ليدلل على السحر والشعوذة في كتاب التربية الإسلامية للصف الأول.
الناشط جلال برق كتب على صفحته في موقع فيسبوك: "هذه صفحة من المنهاج الجديد ..فلتكن رام الله هي المركز لا ضير، لكن أن تعرّف القدس على أنها مدينة تقع جنوب رام الله!"، ووافقه صديق له بالتعليق قائلاً: "وكأن رام الله بوصلة العالم وخط الاستواء”.
وتبرعت إحداهن بالشرح والتبرير فكتبت: "ليس دفاعا عن أحد، وإنما الدرس لم يقصد به الاعتراف برام الله كعاصمة، بل كانت مثالاً فقط".
رسميا، ما ورد كان مثالاً حسب مدير عام التأهيل والإشراف التربوي وفي وزارة التربية والتعليم العالي ثروت زيد، الذي أكد أن استخدام مدينة رام الله في كتاب الرياضيات للصف الرابع ضمن المنهاج الجديد جاء فقط في سياق تدريب للطلبة على تحديد الاتجاهات، ولم يكن المقصود منه تهميش القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.
وأوضح زيد لـ"رايـــة"، أن "الاختبار وقع على رام الله لأنها إحدى المدن الفلسطينية التي تحدها مدن أخرى من الجهات الأربعة، وهذا ما لا ينطبق على القدس التي لا مدينة تحدها من جهة الشرق، ولو انطبقت معايير هذا النشاط التعليمي على جنين لكانت هي المثال. لم نقصد مركزية رام الله ولا تهميش القدس".
وشدد زيد على أن عدد المرات التي ذكرت بها القدس مقابل رام الله في المناهج بشكل عام” لا يجب أن يفتح باب التكهنات والمزاودات الوطنية" مضيفا أن الوزارة تتوقع أن تطفو على السطح المزيد من الملاحظات الفنية كلما فتحت صفحة جديدة من كتب المنهاج الجديد مع تقدم أيام العام الدراسي.
ملاحظة أخرى انتشرت كالنار في الهشيم، حين عرض كتاب التربية الإسلامية للصف الأول الأساسي امرأة كساحرة شريرة، في رسم توضيحي لأحدى آيات القرآن الكريم.
وفي الرسم الذي أدرج أسفل قوله تعالى في سورة الفلق "من شر النفاثات في العقد" تظهر عجوز تقف بين ثمان "أرواح شريرة"، وترتدي ثوباً طويلاً شاحب اللون وتغطي قسماً كبيراً من شعرها الأبيض، وفي يسراها التي ترفعها حفنة من رماد، يخرج منه فقاقيع كل منها يحتوي على رمز للشر، كأفعى وجمجمة وخنجراً وعظمة وعيوناً عابسة.
وعن ذلك عبرت لبنى الأشقر المسؤولة في طاقم شؤون المرأة، عن رفضها لاستغلال المرأة بأي شكل من الأشكال سواء قدمت على إنها مشعوذة أو ساحرة، فهذا تصوير خاطىء للمرأة يعزز من صورة نمطية قد تتشكل حولها في المستقبل لدى الأطفال.
وقالت الأشقر لـ"رايـــة"، إن تصوير المرأة على أنها تابعة للرجل أمر مرفوض بالمطلق، فما بالك حين نتحدث عن التعليم وعن جيل من الأطفال أصحاب الأذهان الغضة القابلة لاستقبال المعلومات وبناء التصورات الذهنية التي قد ترافقهم طيلة حياتهم".
وأضافت أن استخدام المرأة بهذه الرسم يسيء لصورتها وكيانها وقدرتها وإمكاناتها وتضحياتها في هذا المجتمع، ويظهرها على أنها سبب كل الخلافات والشرور في المجتمع الفلسطيني.
ودعت الأشقر وزارة التربية والتعليم العالي للعمل بأسرع وقت ممكن على تعديل الصورة، فالشعوذة والسحر ليسا مقتصرين على المرأة.
من جهته وصف زيد هذه صورة بالخطأ غير المقصود والقابل للتعديل والتغيير مؤكداً حرص وزارته على الوصول إلى منهاج عصري متطور يراعي حقوق المرأة والطفل الخصوصية الفلسطينية.
وأشار إلى أن المنهاج الجديد ما زال في مرحلة التجريب، وهو خاضع للتعديل والتطوير استناداً إلى الملاحظات المبنية على أسس علمية ومعرفية، وبعد استشارة لجنة فنية من المختصين.
وأكد زيد، أن الأبواب مفتوحة دوماً للمجتمع الفلسطيني لطرح أية تعليقات على المناهج تتعلق بالنصوص المتصلة بحقوق الانسان وحقوق والمرأة، أو الصور والرسوم التوضيحية التي جرى الاستعانة بها.
ويبدو أن الانتقادات للمنهاج الفلسطيني لن تتوقف عند الناشطين التربويين والسياسيين أو المدافعين عن حقوق المرأة، فقد تقدمت إسرائيل هي الأخرى بشكوى إلى الأمم المتحدة تزعم فيها أن نصوصا وردت داخل المنهاج الفلسطيني الجديد تحمل مضامين تحريضية مهددة بالوقت نفسه بمنع إدخال شحنات الكتب الجديدة إلى قطاع غزة.